البوابة 24

البوابة 24

أريد رأيكم مع الشكر

بقلم: ميسون كحيل

يقال أن ضابطاً سأل جندياً قناصاً في الجيش: ما رأيك في قناص العدو؟ فرد عليه الجندي: انه فاشل يطلق الرصاص ولا يصيبنا.. فسأله الضابط: لماذا لم تقم بقتله؟ فأجاب: أخاف ان يتم استبداله بقناص محترف فيرديني قتيلاً.

ومضة صغيرة قرأتها، وفيها العبرة التي نحياها الآن، وهي أن هناك من يحافظ على الفاشل في منصبه لحماية نفسه. ويبقى الأهم في الموضوع في تحديد من هو الفاسد؟ وهل توجيه هذه الصفة أو الاتهام إليه حقيقة وحق أم أن الأمر مختلف؟والأهم شكل و نوع من يقوم بتوجيه الإتهام، وأهدافه الحقيقية من وراء ذلك. 

ولعل أكثر أنواع الفساد فتكاً هو استغلال المكان والموقع، وظلم الإنسان  كل من يحاول الإقتراب من المنافسة؛ دون النظر للصالح العام لنوعية هذا المكان وطبيعة الخدمات الواجب تقديمها والعمل عليها، دون التفكير المطلق بالتركيز على مصالح آنية شخصية في أداء هذه الخدمات، والدور المطلوب.

 وعلى المستوى العام يقال أن هناك فساد أكبر وفساد أصغر رغم أنه فساد في الحالتين. وهناك من يعتبر أن المسؤول عندما يقوم بالفساد فإن الفساد هنا أكبر من فساد مواطن أو موظف، وهو الفساد الأصغر لكن لنترك الفساد السياسي جانباً، فهناك أيضاً فساد من نوع فريد وخاص، فاسمعوا هذه القصة. 

صحيح أن القانون لا يحمي المغفلين؛ لكن أريد من يتفق معي أن هناك روح القانون، وهناك ضمائر وقضاة لهم صلة وعلاقة مع الله لا يتعاملون مع الأوراق فقط، والقصة التي وردتني وعلى لسان الراوي حصلت وإن بأشكال مختلفة مع ناس كثر في بلادنا، يقول صاحب الأزمة: أن هناك مواطن غلبان تعرض لأزمة مالية وأراد الخروج منها فلجأ إلى صديق له مقرب حيث طلب منه مبلغ من المال.

فوافق الصديق بشرط أن يكون هذا الإقراض على شكل شيكات واحتساب فائدة على المبلغ!! هنا وبسبب الضيق والحاجة قدم المواطن لصديقه عدداً من الشيكات دون استلام كامل المبلغ بل استلمه أيضاً على شكل أقساط!! فلم يستطع المواطن حل أزمته المالية بل تراكمت الأزمة، و وصلت في لحظة من اللحظات إلى القيام بحل جزء من أزمته مع تسديد الشيكات التي كان قد أعطاها لصديقه! فأضطر المواطن كي لا يقع في ورطة أن يلجأ مرة أخرى إلى صراف آخر (غير قانوني) وشيكات أخرى لصرفها وبفائدة مضاعفة من أجل تسديد الشيكات التي أعطاها لصديقه.

وفي غفلة من الزمن، ومع مرور الوقت، وجد المواطن نفسه غارقاً بشيكات ومبلغ مالي كبير لصاحبه، لا له أول ولا أخر. فقام هذا المواطن باللجوء إلى محامي من المقربين له وشرح له الحالة.

 وهنا طمأنه المحامي وقال له سأتفاوض مع صديقك، وسأتفق معه على إلغاء جميع المبالغ التي احتسبها كفائدة، ونحدد أصل المبلغ الذي يجب عليك تسديده. فشعر المواطن بنوع من الراحة لكن ماذا حصل بعد ذلك؟. 

بعد أيام جاء المحامي، ومعه كمبيالة بالمبلغ كاملاً دون أي خصم على أن يقوم المواطن بتوقيعها، ومقابل ذلك يعيد صديقه جميع الشيكات إليه. وعندما سأل المواطن محاميه المقرب لماذا أفعل ذلك وأقر بالمبلغ كاملاً رغم أن أكثر من نصفه فوائد؟ فرد المحامي أن صديقه يمتلك شيكات، وإذا قدمها للمحكمة فسيتم حبسك لعدم التسديد، وعملت هذه الكمبيالة لتقديمها، والاتفاق على أن تقوم بتسديدها بدفعات شهرية. 

ومع هذا التهديد المبطن من قبل المحامي المقرب، وقع المواطن على الكمبيالة ومحدد فيها المبلغ الذي يحتاج لسنوات كي يقوم بتسديده، و أعيدت كامل الشيكات للمواطن وبدأ مرغماً على التسديد، والمضحك المبكي أنه اضطر أن يبحث عن (صراف) آخر  - غير قانوني- ليصرف منه شيكات بفوائد مرتفعة لكي يتمكن من سداد دفعات الكمبيالة الشهرية، وسقط المواطن في بحر من الديون الظالمة!

مع الوقت وصلت معلومات لمسامع المواطن أن المحامي المقرب الذي جاء به لإنصافه عقد اتفاق مع صديقه على ما تم مقابل نسبة من المبلغ؟! لكنه يفتقد للدليل ولا يمتلكه
لا بل اكتشف أيضاً أن المحامي المقرب هو أصلاً محامي صديقه في قضاياه الأخرى!! يا لهذا الخطأ الذي وقع به هذا المواطن.

الآن والغريب أن المواطن يقوم بالتسديد إلى صديقه، وإلى صراف آخر لجأ إليه من أجل التسديد، وآخر وآخر..  إلى أن سقط إلى قعر البئر، ويعاني مع عائلته من ضيق الحال والخوف من عدم التسديد والاضطرار للجوء إلى صرافين لا ضمير لهم؛ و هدفهم الغنى على حساب المساكين. 

والسؤال يبقى أليس ذلك فساد لا أكبر ولا أصغر بل هو فسادأاعظم؟ ثم أين المنطق في هذه القصة؟ وأين روح القانون الذي يجب أن يكون حامياً للبسطاء والطيبين؟ وأين الإنسانية في هذه الحياة حتى القانون فيها يحمي الفاسدين؟ ثم ماذا يمكن أن يفعل هذا المواطن ؟ أريد رأيكم مع الشكر.

كاتم الصوت: بعد ذلك لجأ المواطن إلى المحامي المقرب مرة أخرى لتقديم شكوى ضد صديقه وعلى أن الجزء الأكبر من المبلغ فوائد.. رد عليه المحامي أن ذلك لا ينفع وخاصة أن مبلغ الكمبيالة تم تثبيته في المحكمة!

كلام في سرك: عدد كبير من الأشخاص يعملون كصديق المواطن والقانون لا يفعل سوى التوبيخ ولا يتم التعامل مع الحقيقة و روح القانون.

رسالة: للقضاة دور كبير في ذلك من خلال ترك الاوراق جانباً، والتعامل مع الحقيقة، فهناك عدد من اللصوص يقتلون المواطن وهو حي بأوراق لا تعكس الحقيقة  (أحتفظ بالأسماء)

ملاحظة: أتمنى من رجال القانون والقضاء والمعرفة المشاركة بأرائهم.

البوابة 24