البوابة 24

البوابة 24

حنظلة

بقلم: ميسون كحيل

لم أنسَ هذا الإسم منذ طفولتي؛ نظراً لغرابته في ذلك الحين، فطالما سمعت به في مجالس الكبار دون أن أدرك حينها من هو هذا الشخص، و ما هي قصته. و كثيراً ما حاولت أن أعرف أكثر بسبب الفضول الأدبي الذي تميزت به، وفي كل مرة أجد أمامي سداً منيعاً يمنعني من التقدم. ومع مرور الزمن عبرت نحو صفحات من التاريخ لكي أقترب أكثر من هذه الشخصية التي كانت رسوماتها بخطوطها السمراء الرفيعة توجع الكثيرين، وتصيبهم بهستيريا سياسية تفقدهم التوازن بعد مشاهدتهم كاريكاتيرات لا يرغبون بمشاهدتها، وتستفزهم ويقرأون ما لا يريدون؛ بحيث تجعلهم ينطقون نطق الشياطين بالتهديد و الوعيد. وتلك هي المشكلة التي تواجهنا مع الآخرين الذين لا يرغبون بسماع حتى جزء من الحقيقة، خاصة لأنهم يعتبرون أنفسهم عظماء، وأن لهم الحق بالتميز عن غيرهم ويرفضون الإنتقاد أو ألا يكونوا محط الإعجاب وأهمية الذات. وهنا يتألمون كالبقية العابرة في زمن ناجي، وقد أوجعهم لأنه أدرك الحقيقة، وعبر عنها بما لديه من قدرة في وضع حداً للفساد ولقوم العظمة الكذابة والنرجسية المفرطة الذين ينتشرون في كل الأمكنة في زمان ناجي وفي زماننا فهم أيضاً امتداد لا بد من بتره.

وقد أكون قد اختلفت أحياناً مع رسومات ناجي العلي خاصة في شخصنة مواضيعه لكني في نفس الوقت ألتمس له العذر إذ من حقه أن يقدم رأيه عبر ريشته كيفما يرى ويشعر و يدرك. وكم كنت أتمنى لو أن زمانه امتد ليصل زماننا هذا لكي يرى ونرى كيف ستحرق ريشته العديد من قصص البطولات الوهمية، وكيف ستمر علينا في رسوماته عدد من البراشوتات المزيفة وسلالم التسلق و سجادات الخنوع. لكن القدر لم يحقق لنا هذه الأمنية فقد اغتيل ناجي العلي برصاص الغدر و كاتم للصوت وفي استغلال صهيوني دنيء لخلاف فلسطيني داخلي لتوجيه أصابع الاتهام إلى ياسر عرفات بسبب غضبه من ناجي العلي على رسم كاريكاتيري، مع العلم أن ياسر عرفات كان من المعجبين بروسومات ناجي العلي وبشخصيته المرحة، كما كان ناجي مقرب و تربطه علاقة طيبة وقوية مع صلاح خلف، وليس حقيقة أنه كان مستهدفاً على المستوى الفلسطيني،  وكل ما قيل مجرد محاولات تستهدف التشويه وإلقاء التهمة على ياسر عرفات الذي حزن كثيراً على غياب حنظلة.

كاتم الصوت: مهمة القتلة في ذلك الوقت كانت استهداف أحد القيادات العسكرية الفلسطينية في لندن، تغيرت المهمة في اللحظات الأخيرة لقتل ناجي العلي من أجل تشويه صورة ياسر عرفات فلسطينياً وعربياً بسبب الخلافات المعروفة التي حدثت.

كلام في سرك: نحن الآن أحوج ما نكون إلى حنظلة فعلى الأقل من الممكن أن تضع رسوماته حداً لجهة أمنية في تدخلاتها وسياساتها وفرض شخصياتها والمقربون والمطيعون في كل مكان دون استثناء.

رسالة: لن تنجح مساعيك يا ابن الصالح فالشخص الذي ستتوجه له لشرح الحقيقة فيما يجري أضعف من أن يواجه. ( أحتفظ بالأسماء.)

البوابة 24