البوابة 24 البوابة 24

العدالة الدولية ما بين القول والفعل

بقلم: حمزة حماد

صحفي من شمال غزة ومسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي

تستمر معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل لليوم الـ419 على التوالي وهم يعيشون تحت وطأة القصف والدمار والجوع، تلك الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال النازي في مواجهة المدنيين العُزل.

لقد عملت هذه الحرب الشعواء على تدمير الحياة الفلسطينية، بل انتهكت آدمية الإنسان الفلسطيني المُتمسك بأرضه وقضيته العادلة على مرأى ومسمع العالم، عبر أساليب وصفتها القوانين الدولية باللأخلاقية والمنافية تمامًا للقانون الدولي الإنساني.

ما بين شمال قطاع غزة الذي يواجه الإبادة والحصار الشامل إلى جنوبه الذي تتفشى فيه المجاعة دون أن نجد خطوات عملية توقف هذا الإجرام الإسرائيلي، نجد أن أكثر من 130 مواطن هجروا قسرًا من شمال القطاع ويعيشون مرارة النزوح وفق تصريحات للأونروا، كما أفادت أنه لا يقل عن 65 ألف شخص ما زالوا في الشمال وسط رفض إسرائيلي لـ82 محاولة لإيصال المساعدات وعرقلة 9 محاولات للأمم المتحدة.

تزداد وتيرة التصعيد الإسرائيلي، ونحن نعيش انتصار محكمة الجنايات الدولية أمام ما يجري من مذابح بحق العائلات في القطاع، المشتت أفراده، والمُطبق عليهم من القصف والحصار المُشدد. فلا جدوى من التصريحات الأممية التي لم تنتصر للإنسانية بعد، لطالما لم تحرك ساكنًا، أو تجبر الاحتلال على منح المدنيين الحق في الغذاء والشراب والدواء، كما يحدث بحق المدنيين في شمال غزة الذين يواجهون العقاب الجماعي بسبب رفضهم للنزوح الإجباري وتحقيق هدف الاحتلال في التهجير القسري، خصوصًا بعد تبني "خطة الجنرالات" الإرهابية.

فرغم مُحاربة قرارات محكمة الجنايات، إلا أنها تواصل تعزيز شرعيتها القانونية والأخلاقية واتخاذ قرارات جرئية بحق قادة التطرف والإرهاب في المنطقة، على ضوء استمرار ارتكاب الاحتلال المزيد من الجرائم عبر استهداف الأحياء السكنية، وتدمير مراكز الإيواء في القطاع بنسبة 95% وفق "اليونيسف"، وقصف آبار المياه وتدمير البنى التحتية، وإخراج المشافي عن الخدمة بنسبة تفوق 70% ومنع علاج المرضى خارج القطاع، وسط عمليات تجريف للأراضي الزراعية، وتفشي المجاعة بين مليون و100 ألف طفل أصبحوا يعانون سوء التغذية الحاد.

ففي خضم الأحداث المؤسفة التي حضيت بإدانة واسعة إزاء ما يتعرض له شعبنا، يستمر انحياز الولايات المتحدة الأمريكية للاحتلال الاسرائيلي كونها الحليف الاستراتيجي، ليس على صعيد الدعم العسكري والمالي، إنما على المستوى القانوني باشهار موقفها المعادي لإعلان مذكرة محكمة الجنايات التي طالبت باعتقال (نتنياهو وغالانت) على خلفية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية سواء على صعيد التجويع ضد المدنيين، أو القتل والاضطهاد، صفعة وفضيحة لإسرائيل التي تدعي مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة.

كما أن حالة الترحيب من الدول بهذا القرار، ساعد "الجنائية الدولية" في ردها على هجوم الولايات المتحدة وبعض الدول على قرار المحكمة والتشكيك في استقلاليتها، بقولها: "لا نعلق على التصريحات السياسية، فعملنا قانوني فقط"، وهذا ما جعل تصريحات بعض الدول التي اصطفت إلى الموقف العدائي للولايات المتحدة بلا قيمة، إنما شكل تحديًا للاجماع الدولي.

ويرى مراقبون، أن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ستكون بمثابة "انتصار أخلاقي" لفلسطين أكثر من أي شيء آخر، كما أنها ستعمق الضغط الدولي على إسرائيل، إذ لا يمكن لنتنياهو السفر إلى العديد من الدول الصديقة لها دون إحراج حكوماتها.

تجري عمليات القتل الجماعي للمدنيين في قطاع غزة لا سيما الاجتياح البري والحصار المُحكم لشمال غزة لأكثر من 50 يومًا على التوالي، وأحرار العالم يعبرون عن تضامنهم مع فلسطين بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يستدعي قيام المجتمع الدولي بترجمة تضامنه مع شعبنا الأعزل باتخاذ خطوات وقرارات وإجراءات فاعلة بما في ذلك الاعتراف بحقه في الحرية والعودة وتقرير المصير وقيام دولته المستقلة، وفرض العزلة على إسرائيل باعتبارها دولة فاشية مارقة، وتعليق عضويتها في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية.

البوابة 24