أبدى مسؤولون بارزون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مخاوف متزايدة من أن الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة حماس قد ينهار في أي لحظة، بسبب تعقيدات تنفيذ بنوده الأساسية وغموض المسار الذي يفترض أن يسير فيه.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فإن الإدارة تواجه صعوبة في ضمان تطبيق الالتزامات المتبادلة، وسط حالة من الارتباك السياسي والأمني حول آلية تنفيذ الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي.
اجتماعات سرية بمشاركة واسعة
كشفت الصحيفة أن القيادة المركزية الأمريكية نظمت ندوة مغلقة استمرت يومين كاملين الشهر الماضي، عرضت خلالها وثائق حساسة تتعلق بالاتفاق، بحضور قادة عسكريين أمريكيين ومسؤولين من مركز التنسيق المدني العسكري الذي أنشئ مؤخرًا جنوبي إسرائيل ضمن ترتيبات وقف الحرب.
وقد وجه مايكل فينزل، منسق الأمن الأمريكي للسلطة الفلسطينية وإسرائيل، الدعوة لأكثر من 400 شخصية تمثل وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية، إلى جانب منظمات غير حكومية وشركات متعاقدة تعمل في المنطقة.
ووفق الوثائق، ركزت الندوة على تقييم مدى إمكانية تطبيق المبادرات الأمنية الجديدة، وأبرزها قوة التثبيت الدولية المقترح نشرها في غزة لضمان حفظ الاستقرار بعد الحرب.
تحديات ميدانية
أظهرت النقاشات خلال الندوة أن هناك قلقًا بالغًا داخل الدوائر الأمريكية بشأن مدى واقعية نشر قوة التثبيت الدولية التي طرحت كآلية متعددة الجنسيات لحفظ الأمن.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قوله إن الإدارة تشعر بـ“مخاوف مكتومة” من احتمال فشل المشروع الأمني في ظل هشاشة الوضع الميداني وتشابك المصالح بين القوى الإقليمية.
وتؤكد الوثائق أن هذه القوة تواجه عوائق سياسية ولوجستية كبيرة، تتعلق بالتمويل، وتوزيع المهام، وصعوبة التنسيق بين الأطراف المشاركة، ما يجعل تحقيق السلام المستدام في غزة مهمة شديدة التعقيد.
تناقض بين الخطاب الرسمي والواقع العملي
تشير الوثائق إلى فجوة واسعة بين التصريحات العلنية المتفائلة الصادرة عن البيت الأبيض، وبين التقييمات الواقعية داخل المؤسسات الأمريكية، التي ترى أن تحويل وقف إطلاق النار إلى خطة سلام دائمة ما زال بعيد المنال.
ففي الوقت الذي تتحدث فيه الإدارة عن “سلام شامل يعيد إعمار غزة ويمنع عودة التصعيد”، تظهر التقارير أن واشنطن وشركاءها في المنطقة لم يضعوا بعد إطارًا واضحًا لإدارة المرحلة الانتقالية أو إعادة الإعمار.
خلاف داخل المؤسسات الأمريكية
أحد المسؤولين الأمريكيين المشاركين في الاجتماع أوضح أن الجيش الأمريكي يمتلك خططًا مبدئية لدعم المرحلة الانتقالية في غزة، لكن وزارة الخارجية لم تضطلع بعد بدور فعال في صياغة مسار سياسي موازٍ لهذه الجهود.
ويرى الخبراء أن هذا التباين في الأدوار بين المؤسستين العسكرية والدبلوماسية يعرقل أي تقدم حقيقي، ويجعل الاتفاق عرضة للانهيار عند أول اختبار ميداني.
أعباء عالمية تضعف التركيز على غزة
وفي تعليق لافت، قال الدبلوماسي الأمريكي ديفيد شينكر، الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط في إدارة ترامب الأولى، إن البيت الأبيض يعمل بعدد محدود من الموظفين أمام كم هائل من الأزمات الدولية، موضحًا أن غزة وحدها كانت تحتاج فريقًا يعمل بدوام كامل، بينما تتقاسم الإدارة جهودها بين ملفات متفجرة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.
