فرق شاسع بين اليهودية وبين الصهيونية ، يجب أن ندركه !

بقلم: لينا نصار  

جاء في الأخبار أن مجموعة من اليهود الذين يطلقون على أنفسم "اليهود الفلسطينيون "، شاركت في خيمة الاعتصام التي أقامها أهالي حي سلوان جنوب المسجد الأقصى، في حينه ، احتجاجا على الاستيطان وسرقة المنازل من قبل المستوطنين وسلطات الاحتلال.

ولا يستغربن أحد مثل هذه الأخبار ، وربما كانت هذه فرصة للتأكيد على الفرق بين اليهودية والصهيونية . اليهودية تتميز عن باقي القوميات والأديان بأنها تجمع بين القومية والدين في كلمة واحدة : فاليهودية هي دين وهي قومية أيضاً .

أما الصهيونية ، وهي الأمر الجديد تاريخياً ، إذ ظهرت فقط في أوائل القرن الماضي ، فهي مفهوم سياسي عنصري استعماري ، يستخدم اليهودية لتحقيق فكره الاستيطاني التوسعي ، الذي يعتمد على الحصول على فلسطين كأرض بلا سكانها الأصليين لإقامة " وطن " لليهود .

والحقيقة أن هذا ال " وطن " لم يكن بالضرورة فلسطين ، فقد سبق أن وافق هرتسل ، مؤسس الصهيونية ، على إقامة وطن لليهود في أوغندا ، التي كانت آنذاك تحت الاستعمار البريطاني . وكان هذا قبل وعد بلفور .

لذلك نجد أن اليهود المتدينين ، وخاصة المتزمتين دينياً ، لا يعتبرون أنفسهم صهيونيين . فمن بين جميع الأحزاب اليهودية المتدينة في أسرائيل لا يوجد إلا حزب واحد متدين وصهيوني في نفس الوقت هو حزب نفتالي بينيت المسمى : " حزب اليهودية الصهيونية " وهو أصغر الأحزاب المتدينة. فالأحزاب اليهودية المتدينة المتزمتة لا تهتم بالصهيونية وتهتم فقط بالأمور الدينية وتطبيق قوانين التوراة والتعاليم الدينية التي في أغلبيتها نشبه تعاليم الإسلام والمسيحية من حيث الدعوة لحسن الخلق وعمل الخير والتشديد على لباس المراة المحتشم وتفضيل الرجل على المرأة في الحقوق ومنع القتل وتحريم الخنزير والقمار وما إلى ذلك .

وهذه كل اهتماماتهم ، حتى أنهم لا يخدمون في جيش الاحتلال وحصلوا على قانون خاص يحررهم من الخدمة العسكرية الإجبارية ( وهي في إسرائيل لمدة ثلاث سنوات ) بحجة تعليم التوراة والمدارس الدينية . هذا هو عالمهم .

هناك فصيل آخر من اليهود وهم اليهود المعادون للصهيونية . قسم منهم متدين جداً ، والقسم الآخر علماني - يساري . هذا القسم الأخير يتكون بالأساس من اليهود الشيوعيين ، أعضاء الحزب الشيوعي الاسرائيلي ، وحركات يسارية متطرفة غير حزبية وحركات سياسية - اجتماعية أخرى مثل " ترابط " ، " زوخروت " و " فوضويون ضد الجدار " . وهؤلاء جميعاً يدعون لإحقاق حقوق شعبنا الفلسطيني بالإنسحاب الكامل ولإقامة الدولة الفلسطينة وعودة أو تعويض اللاجئين الفلسطينيين ، وينادون بتحويل إسرائيل إلى دولة اشتراكية .

وظهرت في السنين القليلة الماضية حركة جديدة تسمى " نقف معاً " ( عومديم بياحد) وهي حركة تضم اليهود والعرب ، إالا أن غالبيتها من اليهود المعادين للصهيونية . أما اليهود المتدينون المعادون للصهيونية فهم بالأساس جماعة " ناتوري كارتا " وغالبيتم يسكنون القدس وفي نيويورك ولندن وفيينا . تكونت هذه الجماعة أو المنظمة عام 1938 من يهود محافظين سكنوا فلسطين قبل قيام إسرائيل، وهم اليهود الأرثوذكس والمعادون للصهيونية وينادون بضرورة إزالة دولة إسرائيل ، ويعتبرون أن الله عاقب اليهود بإزالة دولتهم في العهد القديم وأن محاولتهم الآن إقامة اسرائيل هي معارضة لمشيئة الرب وستعرضهم للعقاب الإلهي.

وأعلنت منظمة ناتوري كارتا ياسر عرفات رئيسًا لجميع سكان أرض فلسطين، وشارك أحدهم وهو موشيه هيرش في حكومة عرفات وزيرًا للشؤون اليهودية, وعندما طلبت إيران مشاركتهم مؤتمرًا نظمته حول حقيقة الهولوكوست واستغلال محرقة اليهود لخدمة أهداف إسرائيلية قبلوا الدعوة وأيدوها حتى قيل إنهم يحسنون الصلات مع أكثر المجموعات عداء لإسرائيل واليهود.

هذه الحقائق هي ضرورية لأن يعرفها كل فلسطيني ، ليعرف أعداءه من أصدقائه ، فليس كل من هو يهودي هو صهيوني ، وليس كل يهودي في أرض فلسطين التاريخية هو ، بالضرورة ، عدونا ، بل هناك أصدقاء لنا من بين اليهود سكان إسرائيل .

وكانت منظمة التحرير الفلسطينية هي أول من جلس وتحاور مع هؤلاء اليهود المعادين للصهيونية . هذا كله يذكرني بأمي التي كانت ، في نهاية كل صلاة ، تدعوالله ان " يأخذ " اليهود إلى جهنم ، " روحة بلا رجعة " ، فأقول لها : حرام عليك ، بجوز في منهم ملاح ! فتجيبني : مفيش ! إوعي حدا يسمعك !

البوابة 24