محمد علي القنبر "ابو علي" ..عملة نادرة في مجال الإصلاح وحجب الشر

محمد زحايكة
ومضات الصاحب الباهرة في حضرة المتميزين والعباهرة.
محمد علي القنبر  " ابو علي " ..عملة نادرة في مجال الإصلاح وحجب الشر .. وهامة وقامة عشائرية.. 
منذ ايام شبابه والصاحب يلمح ابو علي القنبر  " يتفتل" بين رجال الإصلاح وفي مجالسهم الغانمة يراقب بعيونه الصقرية سير الأمور ومحاولات وأد الفتنة واجراء مراسيم الصلح بين المتخاصمين ، مستمعا اكثر منه متحدثا ، وكان الصاحب يندهش لعزيمة وارادة هذا المصلح الشاب الذي يطير على جناح السرعة  من مكان الى اخر للمساهمة في إحلال الوئام  بدل الخصام .
وفي حقبة ما ،  ربما ،  قبل أكثر  من ثلاثة عقود  حصل ان داهم بعض شباب القدس وخصوصا من سكان البلدة القديمة على رأسهم المرحوم الراحل سليم الشلبي ابو النور بيت الصاحب ذات مساء ، وأطنبوا عليه كي يرافقهم الى اكثر من عائلة في جبل المكبر  والسواحرة  حصل مع بعض أبنائها شجارا  في ذاك اليوم بالقرب من  مدرسة الرشيدية   ، وارادوا ان يأخذوا العوايد حتى لا تتفاقم الأمور في اليوم التالي ، وأنهم يريدون ويسعون الى  تسكير  واغلاق هذا الطابق .
وعندما  علم الصاحب بأسماء العائلات اقترح ان تكون عائلة ابو علي القنبر التي كانت من بين العائلات المشمولة في هذا المشكل اخر عائلة يتم التوجه لها ، بسبب ما كان الصاحب يسمعه يتردد سواء بحق او بغير وجه حق  بأن اولاد الحاج علي حمدان القنبر  من ذوي التشدد ومن الصعب التفاهم والأخذ والرد  معهم .. المهم انه بعد زيارة جميع العائلات وكان من بينها على ما اذكر عائلات  صري وعبده وبشير  وصل موكبنا  اخيرا  الى منزل ابو علي القنبر في ساعة متقدمة من ساعات الفجر ، فتم ايقاظه من عز النوم وقام هاشا باشا مرحبا وهو ما زال " يفرفك" في عينيه لازالة آثار النوم والنعاس ، وما ان استمع الى القصة والهدف من هذا الاقتحام الليلي حتى قال بما معناه.. وصلتم وحللتم اهلا وسهلا.. وطلبكم مستجاب ،  اشربوا قهوتكم على نية الخير والتوفيق والإصلاح  ، رغم انه لم يكن هناك قهوة في هذا الوقت المتأخر  ، فتنفسنا الصعداء ، وانطلقنا لاهجين بالشكر والعرفان على صنيع ابو علي الحميد المجيد ، حيث تأكد لنا أن ابو علي القنبر كان أقل شخص جدلا  ونقاشا وإنما اخذ الأمور من قاصرها كما يقال ، ربما  راعى وصول  الموكب في ساعة متأخرة من الليل ولا يريد أن يثقل عليه ، بارك الله ابه على رأي مولانا الشيخ جميل السلحوت رضي الله عنه  .
ومن تلك اللحظة الفارقة ، تبين للصاحب ان ابو علي القنبر مصلح شاب يمتلك أدوات الإصلاح الأساسية وهي الصبر وسعة الصدر  وتحمل المكابدة والعقل الراجح والنظرة الثاقبة والتعاطي مع اعتى المواقف الصعبة بابتسامته الودودة  وردود أفعاله  الهادئة البعيدة كل البعد عن العنتريات والكلام الكبير الذي بدون رصيد . ومن خلال حضور مجالس صلح عديدة أمكن للصاحب مراقبة هذه الشخصية ذات الجلد ومتابعة الأمور والالتزام بالمواعيد قدر المستطاع وعدم ترك المشكلةبين الفرقاء  بدون حل ولو على حساب سهره الطويل وقوة اعصابه التي تتبدى في تحمله  وصبره العنيد ونفسه الطويل حتى يمسك طرف الخيط الذي يقود الى افضل الحلول الممكنة وكيف تتطور  شخصيته هذه  مع الزمن وتبني نفسها في هذا المجال الشائك  . ويخيل للصاحب ان ابو علي القنبر ربما يسير على هدي المقولة المعروفة " من طلبه كله فاته كله "  اي انه في ظل تعقيدات بعض الخصومات والمشاكل بين الأفراد قد تضيع الطاسة ولا يعرف على  وجه التأكيد من هو صاحب الحق الأكيد .. فالحق ليس دائما  شاهرا وناهرا كما يقال ، وهنا يأتي دور المصلح الرشيد والحكيم في الوصول إلى ما يشبه انصاف الحلول عندما يقال مثلا ، تعالوا نقسم العرب عربين لانه في بعض الحالات وللاسف فإن الحق لا يرضي اثنين او الطرفين .. ولا يمكن الرضاعة من الثديين ولا نقول البزين .. اي عرب وحكومة ؟؟
رجل الإصلاح ابو علي القنبر شخصية عشائرية   من طراز خاص  ، لا يسع المرء الا ان يتعاطف مع هذه الشخصية الديناميكية التي تتحرك في جميع الاتجاهات وتستمع الى جميع الأطراف ولا تحابي احدا في الحق فيما  يمكنها من استجلائه من بين الامور  المعقدة . والمتابع  لهذه الشخصية التي باتت رمزا مشهودا من رموز الإصلاح المعروفة في القدس وفلسطين يدرك سموها وترفعها عن الصغائر  وعدم ميلها الى الانحياز  بشكل أعمى لأية جهة بسبب ميول عشائرية او عائلية او جهوية وإنما بوصلتها المرسومة   أمام عينيها   والتي توجهها على الدوام  هي  إعادة الحقوق الى اصحابها وتثبيت أركان الصلح بين المتخاصمين ومحاولة قلع بذور الشر من جذورها ان امكن ذلك .
وطالما شاهدنا ابو على القنبر يتحرك في جاهات الصلح العشائري وأمور ومساعي الخير ، بكل همة وإصرار ودأب ومثابرة  على الوصول لمسيرة الصلح حتى نهاياتها وغاياتها المرجوة  مهما كلفه ذلك من تعب ومشقة وهو الذي لا يسعى الى مكسب شخصي او مصلحي  باجماع كل من عرفه وتعامل معه في أعقد القضايا  المجتمعية .
المصلح العشائري ابو علي القنبر هو بالفعل عملة نادرة من رجال الإصلاح المخلصين الذين خاضوا معمعان هذا " الكار " منذ الصغر  والذين  لا يتوانون عن بذل كل الجهد الممكن لارساء  قواعد السلم الاهلي والمجتمعي بين أبناء الشعب والوطن الواحد بدون تمييز  بينهم مطلقا .
كل التحية والاحترام والتقدير لهذه القامة والهامة الإصلاحية التي تصل الليل بالنهار  في محاكم سريعة ومتنقلة لوأد الفتن وحجب الشر بين الناس قاصدة  في الأول وفي الاخر ، مرضاة الرب تعالى .  وبوركتم ابو علي الكبير  ودمتم ذخرا للضعفاء والمظلومين .
#ومضات_الصاحب

 

البوابة 24