البوابة 24

البوابة 24

بانتظار حليب البطاطا

سهيل كيوان
سهيل كيوان

بقلم:سهيل كيوان 

أعلنت شركة سويدية عن إنتاج حليب جديد مستخلص من البطاطا، وبأنه لا يقل في قيمته الغذائية عن حليب البقر، وبأنه ينفع لإنتاج الأجبان بطعمات وفائدة موازية لحليب البقر.
يأتي حليب البطاطا ليلحق بحليب اللوز والصويا والأرز وغيرها، ولكنه أجود منها كما يؤكد منتجوه ونكهته جذّابة، وقد بدأ تسويقه ووصل السوق البريطانية.
نشارك إخواننا النباتيين فرحتهم بمثل هذه الأخبار، فهي خطوة تدعم آراءهم ومواقفهم التي تنادي بالكفِّ عن قتل الحيوانات لأجل أكلها، إذ إنه يُقتل في كل يوم نحو 300 مليون حيوان، هذا دون احتساب الأسماك، وتصنّفُ اللحوم المصنَّعة على أنها مسبِّبة للسرطان.
تأتي أهمية إنتاج حليب البطاطا بأنه ينضم إلى قامة طويلة من المنتجات النباتية التي حلّت وسوف تحلُّ مكان المنتجات الحيوانية، وهذا يعني الدَّفع باتجاه تهيئة ظروف أفضل لانتقال أعداد أكثر من البشر إلى نظام الغذاء النباتي، أو على الأقل الطبيعي الذي يستثني لحوم الأبقار والمواشي بكل أصنافها.
ويرى خبراء البيئة أن إحدى مشاكل الاحتباس الحراري الذي يهدّد العالم بالكوارث، هو ما تطلقه الأبقار خاصة والمواشي عمومًا من غازات عند تجشؤها أو إخراج فضلاتها، ويبلغ 70% من الغازات المسببة للاحتباس.
علاج هذه المشكلة يبدأ في تحوِّل البشر إلى الأغذية النباتية، فهذا سيؤدي إلى الإستفادة من ستة وعشرين مليون كيلو متر مربع على الكرة الأرضية المستخدمة كمراعٍ، وزرعها بالأشجار المثمرة وغير المثمرة التي ستعود بالفائدة على المناخ وسوق التغذية.
إلى جانب المزايا الصحية والمناخية، فهناك الجانب الأخلاقي، إذ يرى النباتيون أن قتل الحيوانات لأجل تناول لحومها هو عمل غير أخلاقي، وأنه حان الوقت لتخلص البشرية من وحشيتها التي كانت ضرورة في طورها الأول، ولكنها لم تعد ضرورة بفضل قدرات الإنسان على تطوير بدائل نباتية للحيوان ومنتجاته.
وبحسب الإحصاءات فإن أعداد النباتيين آخذة بالازدياد عامًا بعد عام، ويشكلون 10% من البريطانيين، وتعتبر الهند معقِل النباتيين، إذ أن 40% من الهنود نباتيون نتيجة لقناعات دينية.
ومن العجيب والمفاجئ أن إسرائيل تحتل المكان الثاني بعد الهند، إذ أن 13% من سكانها نباتيون، وفيها كثير من المطاعم النباتية، وفيها كيبوتس للنباتيين (أميريم)، وهو مقام منذ عام 1950 على أراضي قرية فراضية المُهجَّرة، ويُعتقد أن أكثر من 10% من سكان العالم نباتيون.
هنالك أنواع منهم، تتناول البيض والسمك، أو السمك لا البيض، وغيرها من تنويعات، ولكن الامتناع عن اللحم هو الأساس.
إضافة إلى هذا، فإن الدورة الاقتصادية لتصنيع الأغذية النباتية البديلة تزيد عن خمسين مليار دولار سنويًا، ويتوقع اقتصاديون أن دورة إنتاج اللحوم النباتية ستصل إلى 100 مليار دولار سنويًا خلال الخمس عشرة سنة القادمة، وهذا يعني أن الآفاق الاقتصادية مفتوحة للاستثمار في هذا المجال، وتعد بأرباح كبيرة.
لا أبرِّئ نفسي، فأنا ممن يتناولون اللحوم، ولكنني حاولت أكثر من مرة التوقف عنها، أو التقليل منها إلى الحد الأدنى، ولا أحب النظر إلى الإعلانات التي يظهر فيها طاهٍ يحملُ كتلة من اللحم ويقلِّبها ويقطِّعها، أو إعلان يظهر فيه رأس ثور.
أما المدافعون عن النِّظام الغذائي اللحمي، فيزعمون أن إصدار "عفو عام" عن الحيوانات، سيؤدي إلى أن تحتل العالم بسبب تكاثرها الطبيعي.

ولكن هذه المشكلة يمكن حلُّها من خلال تعقيم أعداد كبيرة من الحيوانات والسيطرة على أعدادها.
كذلك يقول خبراء إن المواد الكيماوية والهرمونات التي تدخل في تغذية الحيوانات والدجاج والأسماك لتسمينها، تنتقل إلى أجسادنا عندما نتناول لحومها، وهي من أسباب التّوتر وسرعة الغضب والتصرفات المتهورة مثل الرفس والنَّطح، واستخدام العنف لأسباب تافهة، وارتكاب جرائم القتل بسهولة كبيرة.

وتصل جرائم قتل البشر في العالم إلى أكثر من 400 ألف جريمة سنويًا، تنفذها عصابات الإجرام أو بشكل فردي مقصود أو غير مقصود، هذا باستثاء الحروب التي تحصد مئات الآلاف، وجرائم الإرهاب السياسي الذي تمارسه مختلف دول العالم.

اليوم العالمي للنباتيين هو الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام منذ عام 1977، وقد أطلقه نباتيون في الولايات المتحدة.

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن 70% من الأمراض التي يصاب بها البشر تنتقل عن طريق الحيوانات. وتنخفض أمراض القلب بنسبة 32% لدى النباتيين عن اللاحمين.

تحتاج البقرة إلى أكثر من 110 لترات من الماء الطازج يوميًا، إضافة إلى صيانة الحظائر ونظافتها.

باعتقادي أنه حتى نهاية القرن الحالي ستكون هناك دول تمنع قتل الحيوانات على أراضيها لتناول لحومها، وستكون للنباتيين قوى برلمانية وشعبية هائلة وصاحبة قرار مثل أحزاب أنصار البيئة كالخضر وغيرهم، لعل وعسى يصل بلادنا ومنطقتنا الدور فتحرّم قتل البشر كخطوة أولى لتحريم قتل الحيوانات، وليس العكس.

البوابة 24