بقلم:د.ايهاب بسيسو
ملاحظة ضرورية في الذكرى ٥٢ لمحاولة حرق المسجد الأقصى في ٢١ آب ١٩٦٩ والاضطهاد اليومي للانسان في فلسطين المحتلة.
الفكر المناضل لا يضطرب أو يجزع بل يزداد مناعة ضد الجمود والدوغمائية في كل مرة يستمد فيها مفرداته من المشاهدات اليومية والتجربة القادرة على بلورة رؤى جادة للتحرر من مسببات الاضطهاد ...
فلسطين حالة فكرية تستمد مفرداتها من عمق الحاجة إلى تغزيز وتحفيز مناخات الحرية في مواجهة مختلف حالات وإفرازات القمع الاستعماري، لذا فلسطين ليست مجرد فرضية ثقافية أو حتى مكان أو جغرافيا أو تاريخ فحسب بل حالة فكرية عابرة للتاريخ والحاضر يتلخص من خلالها مختلف مفاهيم النضال الانساني من أجل الحرية والعدالة.
النضال المستند إلى مفردات وحيوية مجتمع نشط يواجه بحكمة ودراية آليات الخمول والركود بعفوية فطرية تتجسد في ابتكاره لأدوات متعددة من التعبير عن الذات وتفاعله اليومي واللحظي مع مختلف القضايا المجتمعية والفكرية والسياسية.
وقد يميز حجم هذا التفاعل وهذا النبض طبيعة القضية الفلسطينية عن سواها من القضايا الاقليمية أو الدولية رغم التشابهات والتقاطعات والمقاربات السياسية والفكرية مع تاريخ الاستعمار والاضطهاد في أكثر من بقعة جغرافية حول العالم.
أن تكون فلسطين حالة فكرية معاصرة تعبر عن ذاتها من خلال مختلف أدوات الفعل الثقافي والاجتماعي يعني أن تدفعك قيم العدالة التي تجسدت معالمها مع عمق التجربة الانسانية في أن تكون فلسطينياً ...
أن تكون فلسطينياً لا يعني انتماء محدوداً للجغرافيا بل يعني أن تنسجم مع سعيك الانساني إلى الحرية دون استثناء في المعايير أو تمييز في المعنى أو قلق أو اضطراب من مختلف المتغيرات التي قد تدفعك إلى الانزواء أو العزلة أو حتى الانطواء فكرياً وسياسياً.
ففلسطين كحالة فكرية إلى جانب كونها جغرافيا وتاريخ وحاضر ومستقبل قادرة على استيعاب تعدد أشكال المجهود الفكري الانساني وبلورته كحالة نضالية مستمرة ومتواصلة تمثل في ثناياها ذروة الانتصار الانساني من أجل الحرية رغم مختلف أشكال المعيقات .
أن تكون فلسطينياً يعني أن تتلخص من خلالك تجارب تاريخ النضال الانساني ضد الاضطهاد في كونك التجربة المستمرة والمتواصلة من أجل تفكيك الأسلاك الشائكة عن الأرض واستعادة حقك في الذاكرة والحياة والمستقبل.
أن تكون فلسطينياً يعني أن تستفيد من مراكمات الشعوب لتجاربها الوطنية وأنت تضيف إلى ذلك تجربتك ورؤيتك الخاصة المتمثلة بالانتصار لحق الانسان في الحياة دون مسببات القهر المتواصل.
أن تكون فلسطينياً يعني أن تظل في حالة مراجعة دائمة لخطواتك على الطريق، يعني أن تصوبك وأنت تتقدم نحو هدفك المشروع في تحقيق العدالة الانسانية.
أن تكون عالمياً ومحلياً في ذات الوقت دون اضطراب في المفاهيم وقلق من تداعيات الحداثة.
أن تواصل الدرب الصعب معلناً انحيازك الواضح لحرية الانسان والأرض.
وأن تنتصر لأن انتصارك انتصار الانسان ضد الفولاذ والسياج القاتل.
