بقلم: ناصر اليافاوي
إذا رغب الناس في السخرية من الاشتراكيين الثوريين، يضحكون عادة من جهدهم المبذول في إنتاج وتوزيع
الفكر الثوري . غالبا ما يصورهم التراث الكاريكاتيري في شكل إنسان هائج ، رث الثياب ، يمسك بعض المجلدات التي لايريد أحد شرائها..
كنت أتجول اليوم فى شوراع مخيم البريج للاجئين، ونظرت عن يساري لطرح السلام كالعادة، فإذ عيني تقع على رجل لم أره منذ نهاية الإنتفا.ضة الأولى..
وجدته وقد أكل الدهر عليه وشرب ، ينفث سيجارته من النوع الرخيص ، ويناقش منتقدا ساخرا لسوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار المتسجد ..
ما شدني إليه أنه ورغم الفقر المدقع الذي يحاصره حتى فى شكل ثيابه إلا أنه يتحدث بنفس الفلسطيني الثائر فى الثمانينات من القرن الماضي نفس صورة الثوريين السابقين، ويضع ساقه الإيسر على ساقه الأيمن ، ليظهر للمارة شكل سرواله المليئ بثقوب بقايا شرارات دخانه الرديئ المتطاير ، خالد هذا الشاب الثائر المأدلج يساريا ، لازال مؤمن بسيادة البلوروتاريا يوما ، رفض الوظائف الحكومية بعصريها ، واختار العيش على الكفاف حفاظا على مبادئه ، بينما نجد بعض من جيرانه ورفاق دربه يحققون الآن تقدما مهنيا مربحا، من النوع الذي تفضل السياسة المهذبة تشجيعه. وبإمكاننا مقارنة “نفوذهم” الحالي، وهم جالسون في اللجان البرلمانية أو مجالس إدارة مؤسسات الأنجي أووز، مع ماضيهم الذي تبدد ..
سألت نفسي وامسكت قلمي وانا عائد إلى بيتى ، ووجهت رسالتى إلى رفاق درب خالد ، هل تصيبهم الأحاسيس نفسها التي نشعر بها ، ام الثائر اليسار في المخيم أصابه نوعا من الهوس بالعناد واخيرا اعتذر عن تتناول القضايا التي لا يرغب أغلب البشر الإطلاع عليها…