البوابة 24

البوابة 24

لغتنا العربية الجميلة

محمد جبر الريفي
محمد جبر الريفي

بقلم: محمد جبر الريفي

(بمناسبة اليوم العالمي للغتنا العربيةالجميلة)

....إن اللغة بصورة عامة هي وعاء العلم والأدب والمعرفة وعلى مستوى اللغة العربية فهي فكر الأمة وروحها تحمل تراثها الفكري والحضاري وبها تعبر الأمة عن نفسها ومكنون أفكارها ومشاعرها واللغة العربية قادرة على تحمل أعباء العلم والأدب والمعرفة المتشعبة في العصر الحديث على الرغم من بعض العقبات التي تحول انطلاقها وعلى الرغم من المحاولات المحمومة من دعاة الاغتراب الحضاري الذين تبهرهم الثقافة الغربية ببريقها والذين يعملون على اشاعة الاتهامات وترويجها للحط من شأنها في المحافل اللغوية الدولية ..

إن اللغة العربية اليوم تواجه تحديا حضاريا خطيرا فمن الدعوه الى اعتماد اللهجة العامية اي اللهجات المحلية العربية كبديل لها .... إلى الدعوة أيضا إلى استخدام الكتابة بالحروف اللاتينية كما حصل في تركيا العلمانية حين أعلن النظام الجمهوري فيها على يد مصطفى كمال أتاتورك بعد زوال دولة الخلافة ..إلى إيجاد لغة ثالثة تقوم على المزج بين اللغة الفصحى واللهجات المحلية ...إلى الدعوة الأخيرة الرائجة الآن إلى (تثوير اللغة العربية ) أي بنسف قواعدها وأصولها وهي دعوة يتبناها كتاب وشعراء خاصة في لبنان معادون لقضية الوحدة العربية .. .وكلها دعوات تنطلق من أعداء الأمة العربية للقضاء على الرابطة القومية بين شعوبها باعتبار أن اللغة العربية هي أحد اهم عوامل الوحدة العربية وهذه الدعوات المشبوهة التي تدعمها دوائر استعمارية ثقافية وسياسية غربية تروج هذه الأفكار بذريعة أن اللغة العربية عاجزة عن استيعاب مضامين العصر الحديث العلمية والفكرية والفلسفية وهي ذريعة باطلة تخفي وراءها أهداف خبيثة لأن الثابت تاريخيا هي أن اللغة العربية عبرت عن طاقات الخلق والإبداع في الأمة في كافة صنوف المعرفة والعلوم فيما عرف بنتاج الحضارة العربية الإسلامية منذ فجر الدين الإسلامي الذي عمل على نشرها وحافظ على وجودها من عوامل الاندثار وما كانت تستطيع التعبير عن هذا العطاء الحضاري الخلاق الذي كان سببا في النهضة الاوربية في العصور الوسطى بسبب حركة الترجمة والنقل منها إلى اللغة اللاتينية التي كانت سائدة في أوروبا باعتبارها لغة العلم التي كانت معتمدة من قبل الكنيسة التي تمثل السلطة الدينية المهيمنة ..

وكذلك الصمود طيلة هذه المدة إلا بفضل ما تختزنه هذه اللغة العربية الجميلة من مقومات الصمود والبقاء والقدرة على التعبير في كل أنواع المعرفة بما تمتلكه من غنى في مفرداتها وتنوع في اساليبها وخصوبة في معانيها وحيوية في دلالاتها وقد فشلت حتى الآن كل المحاولات والدعوات المضادة لها في المجال السياسي والثقافي بل وقد تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة كلغة رسمية في كل مداولات اجتماعاتها باعتبارها لغة عالمية يستخدمها أكثر من مليار ونصف المليون عربي ومسلم وهي الآن قادرة على مواكبة تطور الحياة العربية الحديثة فتصاغ بها كل مناحي الثقافة العربية والإبداع في شتى العلوم العصرية والأدب بمختلف فنونه من شعر وقصة ورواية ومسرح وبذلك فهي تشكل انعكاسا حقيقيا صادقا للاتجاه الحضاري للامه العربية في عصرنا الحالي ...

البوابة 24