البوابة 24

البوابة 24

فتح التي نحب..


الكاتب شفيق التلولي 

تطوي حركة فتح سبعًا وخمسين عامًا من عمرها قدمت خلالها مآثر ملحمية على طريق الثورة حتى النصر، وتمثلت في أبهى صورها دفاعًا عن القرار والمصير، بل وسجل التاريخ لحركة فتح أنها استطاعت أن تكون أكبر من كل محاولات تقزيمها أو الالتفاف عليها وأن كل من تجرأ عليها لم يحصد غير الخيبة؛ لأن فتح انتصرت بفكرها وفلسفتها خلال معركتها الوجودية، وعندما تحتفل بعيدها وانطلاقتها، فإنها تحتفي ليس من منطلق الاستعراض، إنما إيمانًا منها أنها جذوة الثورة بشعلتها المتقدة وكفاحها الطويل منذ انطلاقتها لتبقى ديمومتها بالفعل الوطني المستمر وتجديد قراءة الواقع بالعمل الدؤوب؛ استمرارًا للمسيرة الكفاحية التي تقودها بقوة واقتدار ووصولاً لتحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
إن حركة فتح وهي تحتفي بعيدها السابع والخمسين تدرك أن عليها الاستفادة من تجارب الماضى وحقائق الحاضر استشرافًا للمستقبل الذى تحمل أمله المشرق والذى انطلقت بخطى واثقة من أجله، فكانت ديمومتها المتوهجة بالبذل والعطاء والإبداع الذى جسده وصنعه الرواد منذ الرصاصة الأولى، إيمانا منهم بالفكرة المقدسة التى شكلت استقطابًا لكل أحرار العالم على اختلاف مشاربهم؛ لذلك أصبح مصطلح الديمومة متلازمًا لهذه الحركة العملاقة التى هزمت كل من يحاول الالتفاف عليها؛ لأنها صاحبة القرار الوطنى الفلسطينى المستقل والمشروع التحرري.
نعم تواصل فتح الديمومة طريقها المعبد بإنجازاتها الوطنية منذ أول الرصاص مرورًا بأول الحجارة وأول العمل السياسى والدبلوماسي، فإنها أول المقاومة الشعبية التي تتقدمها في ساحات المواجهة مع قطعان الإرهاب الصهيوني، هذا ما يجعلنا نفتخر بانتمائنا لحركة العطاء والكرامة ما يُلزم كل فرد فينا أن يجعل أمانتها فى رقبته، ولا ننسى أن حركتنا فتح هى رائدة العمل الوطنى التى وضعنا جميعًا على الخريطة السياسية، فسارت بقضيتنا إلى صدارة المنابر الدولية، وجعلت شعبنا جيشًا من الفدائيين لتقلب موازين المنطقة بعد الهزائم التى طالت الجيوش العربية. 
لقد استطاعت حركة فتح أن تحافظ على ذاتها وحفظت مصيرها ومستقبلها في ظل محاولات الاستلاب الذي تتعرض له بكل أشكاله وتمثيلاته الداخلية والخارجية كرائدة لكفاح شعبنا العظيم وتعريض مشروعها الوطني للخطر المحدق من خلال بث الفوضى وخلط الأوراق وتشتيت أطر الشعب الفلسطيني ومكوناته واللعب على وتر الانقسام المعيب كمقدمة لابتزازها سياسيًا من قبل "إسرائيل"، وبخاصة بعدما اتجهت قيادتها قيادة الشعب الفلسطينى وفي مقدمتها الرئيس محمود عباس إلى انتزاع قرارًا دوليًا يكرس سيادة الدولة الفلسطينية المستقلة من خلال الاعتراف بها في كافة المنظمات الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة وانتزاع كافة الاستحقاقات الشرعية لهذه الدولة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ها قد تمضي حركة فتح وتستمر بالفعل الخلاق لاستكمال مسيرتها التنظيمية ولوجًا لعقد المؤتمر الثامن للحركة وتكريس ممارسة الحياة التنظيمية بالنهج الديمقراطي وبشكل دوري في محطة جديدة تعيد فيها  قراءة برنامجها الغتحاوي والفلسطيني بما يتناسب مع المتغيرات السياسية التي حدثت في الأعوام الأخيرة، والتصدي لكل محاولات اختطاف الوجود الفلسطيني الضارب جذوره في الزمان والمكان وإنقاذ مشروعنا الوطني التحرري الوحدوي من الغرق، وإجراء الإنتخابات الفلسطينية في القدس وغزة كما الضفة وحمايتها كمخرج من حالة التيه الذي يعاني منه شعبنا الفلسطيني جراء حالة التشرذم والتشظي التي تضرب أطرنا الفلسطينية ومواجهة محاولات شطبنا ومحونا عن الخريطة السياسية التي صاغت حركة فتح حروفها الأولى وتبعتها فصائل العمل الوطني على ذات الدرب الكفاحي الطويل المعبد بتضحيات شعبنا الجسام.
هذه هي فتح التي نحب، فتح التي كانت وما زالت وستبقى بخير لنكون جميعا بخير، فتح التي تشبهنا ويجب أن نظل نشبهها لتنتصر بالوطن للوطن.

البوابة 24