البوابة 24

البوابة 24

صورة المؤن

عمر حَمّش
عمر حَمّش

بقلم: عمر حَمّش

كانت تأتي من البعيد، تعبر القارات إلى مخيمنا الصغير. تستلقي سمينة في بطون السفن، وخزائن الطائرات. وأيضا في مقصورات القطر الجاريات. كانت صندوق العجب، خاتم سليمان، المقدوح في جحيم الانتظار. تقول أمي الصّبية: - هذه المرّة نبيع الصرة. نصرخ في صحن الدار - لا والله ما نبيعها. - ونتعلق بفم والدنا؛ فيسعفنا: - أمّكم تمزح يا أولاد - هيه .. هيه .. وليلتها المخيم لا ينام، يظل ينتفض بانتظار بنطال العيد، وقميص العيد، وحذاء العيد. وفي النّهار لا يستقبل المعلمون الصغار، فهم يحلّقون بعيدا في الزحام، بين أرجل الكبار. تتدحرج عبر الباب الصّرر كعرائس منتفخة فوق الرؤوس، صفراء، وحمراء، وخضراء، وأنا عن أمي أضيع .. في رائحة الزيت، والنفط المكرر أضيع، ثمّ أركضُ، ووجهي معفرٌ بالطحين، وأنا ألاحق العربة التي يجرها حمار. - أين صرتنا يا أمي؟ تشير إليها، فأنبشها بعقلي لأفرز حصتي من هدايا الانجليز والأمريكان! ألهث خلفها، وأقرصها، ثمّ على تراب الدار نبطحها، لندور حولها كأنها إله .. ندور طائرين، قبل أن نفتحها، ثمّ نتجهم. ثوان ونتجهم. ويصيح والدايّ: - يا ليتنا بعناها. وفي أوج الفزع يراجعان المحتويات. يلبسان جسدي، وأنا أصيح: - هذا جاكيت ستاتي. - فيأمراني: - البس. - وتضيف أمّي: - اتق البرد ولو بالجرد. ويلبسان قدميّ. - هذا حذاء عجوز ميتة. فيصرخان: - البس. وألبس كعب الغزال. ومع الجاكيت؛ أسير ديكا منتفخا مثيرا للقشعريرة.

 

البوابة 24