بقلم:محمد جبر الريفي
ارتبط الاسم سارتر في الثقافة الغربية بالفلسفة الوجودية وهي نظرية مادية صاغها سارتر من وحي الدمار الذي الحقته الحرب العالمية الثانية في أوربا وما نتج عنها من مآسي إنسانية انهارت بها القيم والمبادىء خاصة مبدأ الحرية لذا فالوجودية كفلسفة في الإطار الايدولوجي تنزع إلى المناداة بالحرية المطلقة بدون حدود خاصة فيما يتعلق بالسلوك الفردي للتأكيد على الوجود المادي للإنسان ككائن اجتماعي له رغبات ذاتية خاصة يريد إشباعها بشكل مطلق (الفردانية والذاتية ) للحصول على السعادة الدنيوية .لقد كان للفلسفة الوجودية تاثيرها على الأدب الأوربي حيث اعتنق الوجودية كثير من المثقفين والادباء الغربيين الذين نظروا اليها كفلسفة تقدمية في مواجهة المفاهيم اللاهوتية المسيحية المتزمتة التي كانت تمارسها الكنيسة على حرية العقل وتحد من حريته الفردية لكنها في نطاق الإطار الإيديولوجي ظلت بعيدة عن تحليل المجتمع الإنساني على أساس طبقي مما جعلها تيار ثقافي وفكري أكثر منها نظرية سياسية وتأتي رواية الذباب الذي كتبها سارتر نفسه كرمز للأدب الوجودي حيث صور في الرواية وضع فرنسا أثناء الاحتلال النازي الألماني في الحرب العالمية الثانية ودلك قبل تحريرها على يد المقاومة الفرنسية بقيادة الجنرال ديجول وبمساعدة جيش الحلفاء ..الفلسفة الوجودية هي نتاج لضياع القيم وتراجع الجانب الروحي للإنسان الغربي الذي طحنته الالة الصناعية فاخذ ينشد طريق الخلاص للوصول الى السعادة لهذا ظل انتشارها بين الأدباء والكتاب والمثقفين محصورا تقريبا في العالم الغربي لأنها إفراز لهموم مجتمعاته وذلك بخلاف المجتمعات الشرقية التي ظل الجانب الروحي فيها قويا ولم يصب بالخواء بسبب شيوع ظاهرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي لكن الماخذ عليها كنظرية وفلسفة مادية انها تعبير عن نزوع مطلق في البحث عن الحرية الفردية ولو كان ذلك على حساب حرية الآخرين ...