الأزمة الأوكرانية| سيناريوهات الحرب ومآلاتها.. (تقدير موقف)

 بقلم الكاتب والباحث/ م. صلاح أبو غالي تحريراً في: 24 فبراير 2022

منذ بداية الأزمة الأوكرانية، وهناك تقديرات وتقارير استخبارية متقاربة جداً لأجهزة المخابرات الأمريكية وأخرى عالمية حول سيناريوهات الحرب في إقليم دونباس، جنوب شرق أوكرانيا، الذي يضم نحو 400 ألف أوكراني من الناطقين بالروسية، إلا أن تصريحات البيت الأبيض الأخيرة التي حدد فيها بالضبط تاريخ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا أنه سيبدأ مع بداية فبراير 2022 ، ثم خروج الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ليحدد أنها ستبدأ بتاريخ 22 فبراير أو اليوم الذي يليه، جعلت الجميع وبما لا يدع مجالاً للشك يتأكد بأن المفاوضات التي جرت على 3 مسارات بين روسيا والولايات المتحدة في جنيف وفيينا وبروكسل خلال شهر يناير، وكذلك اللقاءات الأخيرة في شهر فبراير الجاري بين الزعيم الفرنسي "ايمانويل مكرون"، والمستشار الألماني "أولاف شولتس" مع الزعيم الروسي "فلاديمير بوتن" فشلت في نزع فتيل الأزمة على الحدود الأوكرانية الروسية، وما دعى لتأكيد ذلك هو تجاهل روسيا لنداءات ومطالبات رئيس أوكرانيا في خطابه بمؤتمر ميونخ لعقد لقاء ثنائي أو دولي للحوار وتغليب العمل الدبلوماسي، وسط تعزيز الحشود الروسية على حدود أوكرانيا.

ورغم أن السياسة والدبلوماسية كانت هي ساحة النزال الأولى بين كافة أطراف الصراع، إلا أن الحشد العسكري الروسي وإرسال حلف الناتو والولايات المتحدة الأسلحة إلى أوكرانيا، وظهور الأسلحة الغربية في ساحة دونباس خلال الأيام الأخيرة، ومع تزايد التهديد الجديد في العمق الاستراتيجي الروسي والفناء الخلفي له "أوكرانيا" ، بالإضافة إلى إتهام أوكرانيا لروسيا بالوقوف وراء الهجوم السيبراني الأخير، ورسالة التخويف للأوكرانيين، كان سبباً مباشراً في فشل الدبلوماسية حتى الآن، الأمر الذي أدى إلى تأجج الأحداث، وبدأ معها صراع ساخن أكثر من أي وقت مضى، فما هي سيناريوهات هذه الحرب؟ ⬇️ سيناريوهات الحرب وفق التصريحات الأخيرة والتي أعلنها الطرفان، إلى جانب تصريحات المراقبين والخبراء العسكريين، وطبيعة العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية الشرقية لأوكرانيا، فإن هناك 3 سيناريوهات ومراحل محتملة للحرب: ▪️السيناريو الأول على غرار سيناريو عام 2014، وقد تحقق وبدأ بحرب محدودة بين المجموعات المسلحة والمتمردة في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في اقليم دونباس مع القوات الأوكرانية، واكتفي خلالها الناتو وروسيا بتوفير العتاد العسكري لحلفائهما على الأرض دون أن يحدث تغيير كبير في ميزان القوى، وقد كان هذا السيناريو بداية الشرارة، ووصف بأنه استمرار للحروب المتقطعة في تلك المنطقة منذ عام 2014 ، ولكن دون أن يفرض أي طرف من أطراف الصراع إرادته العسكرية الكاملة على الطرف الآخر.

▪️السيناريو الثاني: بدأ بالمشاركة المحدودة للقوات الروسية كغطاء جوي و مدفعي للمليشيات العسكرية في دونباس دون الدخول في حرب كاملة مع أوكرانيا لمنع اجتياح الجيش الأوكراني "لإقليم دونباس"، ونتاجاً لذلك أعلنت الولايات المتحدة أنها ستواصل تقديم السلاح والدعم العسكري والاكتفاء بتشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا دون دخولها أو حلف الناتو في حرب شاملة مع روسيا، ونتيجة لمماطلة حلف الناتو وأمريكا في تقديم ضمانات مكتوبة وواضحة تضمن أمن وحدود روسيا من تهديدات التمدد الجيوعسكري للحلف شرقاً صوب الحدود مع روسيا، ونتيجة للحرب الإعلامية التش شفتها امريكا ودول الحلف ضد روسيا والتي اعتبرتها روسيا بأنها استفزازية، كل ذلك دفع الأحداث سريعاً باتجاه الانتقال لمرحلة التدخل العسكري الروسي المباشر والدخول البري إلى عمق إقليم دونباس انطلاقاً من شبه جزيرة القرم، وبدأ عمليات عسكرية طالت البنية التحتية العسكرية لمقرات القيادة ومواقع الجيش الاوكراني هناك.

▪️السيناريو الثالث "الاجتياح الكامل لأوكرانيا وتمدد ساحات الصراع" ويتحقق حال تدخل قوات أجنبية من حلف الناتو في الأحداث الدائرة في إقليم دونباس شرق أوكرانيا رداً على الغزو الروسي لها ودعماً للقوات الأوكرانية في الميدان، وهذا السيناريو يخشاه الجميع لأنه من وجهة نظر موسكو والأطراف الدولية سوف يتسبب في قتل الآلاف من ذوي الأصول الروسية في الإقليم، الأمر الذي ستعتبره روسيا تهديداً مباشراً وخطيراً لأمنها ولحدودها، ما سيدفع إلى الرد بقوة في أماكن متعدة قد توسع ساحة الصراع إلى خارج حدود اوكرانيا ليطال دول الجوار والتي تعتبر عضوة في حلف الناتو، ، وفي تلك الحالة يتوقع أن يعلن الناتو انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وتتحول الحدود الأوكرانية إلى حدود للناتو، ووقتها يحق للناتو تقديم كافة أشكال الدعم العسكري دون حدود، وهذا هو السيناريو الأخطر لأنه قد يتحول لحرب شاملة في شرق أوروبا، وتمتد تأثيراتها وارتداداتها لتطال دول العالم، ما سيؤدي إلى خلق تحالفات عالمية جديدة، فيما يسمى صراع المصالح.

⬇️ الخاتمة: الناظر للأحداث الدائرة في إقليم دونباس شرق اوكرانيا، وبعد مطالعة تاريخ هذه الأزمة وطبيعة المنطقة هناك، وأن هذه الأحداث لم تكن لتكون لولا أن روسيا تعتبر أن تلك المناطق بما فيها أوكرانيا هي اراضي تابعة للأمة الروسية، وأنها انتزعت منها بعد ضعف وانهيار الاتحاد السوفيتي، وقد آن من وجهة نظر الروس بقيادة بوتين استرداد هذه المناطق بكافة الوسائل الممكنة، وبدأت الصراع المسلح في إقليم دونباس بدعم منها بين الجماعات الموالية لها وبين القوات الأوكرانية، وانتهت بالغزو الروسي لتلك المناطق، وعلى ما يبدو ستنتهي الأحداث بضمها إلى الأراضي الروسية أسوة بما حدث في شبه جزيرة القرم، ويكتفي حينها حلف الناتو بالعقوبات الاقتصادية على روسيا، وقد تتعقد الأمور وتتدحرج الأحداث وتجتاح روسيا كامل الأراضي الأوكرانية وتستبدل الرئيس "زيلينسكي" الموالي لأمريكا والذي جاء على اثر انقلاب عسكري بآخر موالٍ لها، وتعود بعدها بعدها إلى حدودها الجديدة الموسعة بضم إقليم دونباس لها، ثم تقبل بالحوارات الدبلوماسية وبشروطها، بعد فرض واقع جديد هناك.

البوابة 24