فى دائرة الضوء
(أسرار ودوافع الغزل التركى لمصر )
الكاتب الصحفى جلال نشوان
قراءة متأنية لدوافع وأسرار الغزل والتودد التركى المفاجئ تجاه مصر وادراكها للدور الحيوى والكبير الذى تقوم به تجاه امتها عربيا واقليميا ودوليا ،كل ذلك يحتاج من المرء التوقف امام هذا التحول ،حتى أن كبار قادة الدولة التركية فعلوا نفس الشيء ، حيث اعلن وزير الخارجية التركى فى حديث له لاحدى وكالات الانباء ان مصر دولة محترمة ثم حزب العدالة والتنمية الذى اصدر بيانا بأن مصر هى قلب العالم العربى هذا بالاضافة الى خروج الناطق باسم الرئاسة الذى أشاد بقوة العلاقات المصرية التركية واللافت للنظر ان معظم القنوات التركية تحول خطابها من التهجم على مصر الى الاشادة بمصر وبالرئيس السيسى و تبقى العديد من الأسئلة الملحة : كيف حدث هذا التحول الكبير ؟ وما هى الدوافع وراء ذلك ويبدو ان هناك الكثير من الدوافع وعلى رأسها ان التحالف المصرى اليونانى القبرصى واتفاق الغاز بات يؤرق الساسة الأتراك ويقض مضاجعهم هذا من جانب ،من جانب آخر أيقن المسؤولون الأتراك أن عودة الاخوان الى الحكم باتت مستحيلة وان دور مصر وأخذها بزمام المبادرة وفكفكتها للأزمة فى ليبيا واستضافة حوارات مضنية مع مختلف فرقاء الأزمة الليبين أضعف التدخل التركى بدرجة كبيرة ،الأمر الذى أوصل رسالة قوية للقادة الأتراك ان الحضور المصرى الكبير فى ليبيا من المستحيل مجابهته والحد من نفوذه
وهناك الكثير من الارهاصات ومنها أن لغة القوة التى مارستها تركيا فى العديد من بؤر التوتر ومنها التدخل فى سوريا والعراق وليبيا أثقل كاهل الدولة التركية واضعف اقتصادها الامر الذى انعكس على معدلات التنمية وتراجع الاقتصاد
وربما يكون التقارب مع مصر هو خطة لاضعاف التحالف المصرى القبرصى اليونانى ....
الادارة الأمريكية الجديدة أجرت حوارات سرية مع تركيا وتمخض عن ذلك تراجعا كبيرا فى السياسة الخارجية ،خاصة ان المصالح اختلفت وتباعدت وعلى ضوء ذلك
أنزل بايدن اردوغان من أعلى الشجرة ،حيث ادرك الأخير ان حسابات السياسة سارت بما لاتشتهى سفن الأتراك ...
أردوغان الحالم باعادة انتاج الامبراطورية العثمانية ،والذى بنى لنفسه قصرا بلغت تكاليفه 2 مليار دولار ، اصطدمت أحلامه بالكثير من الصخور وبخاصة قوة مصر العسكرية ونفوذها الكبير فى كل قضايا الاقليم ،كل ذلك ، جعل الرجل يدرك ان الحضور المصرى فى العالم العربى والساحة الدولية يشكل عقبة كاداء امام طموحاته وأحلامه ،
فاتورة أحلامه بالغة الثمن وليس دائما الأمنيات لها وجود على أرض الواقع وخاصة السياسة التى غرق فى بحرها ولم يحقق اى شيء لتركيا ،بل خسر علاقاته مع دول الخليج عندما بنى قاعدة عسكرية كبيرة فى قطر
نتمنى عودة العلاقات المصرية التركية الى سابق عهدها لأن ارتداداتها الاقليمية والدولية ستنعكس على قضيتنا بالخير ...
دور مصر الحيوى والكبير على الساحة العربية والاقليمية والدولية يؤهلها للقيام بدور اللاعب الاساسى الكبير الذى لا يمكن تجاوزه وكذلك الدفاع عن مصالح الأمة ولملمة جراحاتها