الأزمة التايوانية| صراع على خارطة المصالح، ورسم سياسات استراتيجية ومناطق نفوذ

الأزمة التايوانية | صراع على خارطة المصالح، ورسم سياسات استراتيجية ومناطق نفوذ.. (تقدير موقف)

✍بقلم الكاتب والباحث / م. صلاح أبو غالي تحريراً في : 2 مارس 2022

ما يحدث الآن في أزمة تايوان ما هو إلا نتاج سيناريوهات تبادل المصالح، واتفاقات ضمنية لإعادة انتشار أمريكي وصيني وروسي في مناطق شرق آسيا وشرق أروبا، خاصة بعد انسحاب أمريكا من العراق وأفغانستان، بما يضمن مصالح جميع الأطراف.. أما فيما يخص جوهر الصراع بين الصين وتايوان يكمن في حقيقة أن بكين ترى تايوان مقاطعة منشقة سيعاد ضمها إلى البر الصيني في نهاية المطاف، فيما يختلف الكثير من التايوانيين مع وجهة نظر بكين، إذ أنهم يرون أن لديهم أمة منفصلة، ودستور وقوانين وقادة منتخبين، سواء تم إعلان استقلالها رسمياً أم لا. ✅ وإذا ما كانت محاذير وكوابح الحرب في تلك المنطقة تكمن في الأسباب التالية:

■ أولاً: القوة العسكرية: إذ يشك قادة الصين حتى اليوم في إمكانية انتصار بلدهم على تايوان والتمكُّن من غزوها، ناهيك بالنجاح في خوض قتال مع الولايات المتحدة.

■ ثانياً: هنالك تصوُّر عن الحرب مع تايوان بوصفها نذير عواقب وخيمة على اقتصاد الصين وعلاقاتها الخارجية وصورتها الدولية، والأسوأ هو أن صراعاً كهذا قد يُمثِّل خطراً وجودياً على الحزب الشيوعي الصيني نفسه.

■ ثالثاً: ينتظر قادة الصين "التوحيد السلمي" لبلادهم مع تايوان، آملين أنه لا يزال مُمكناً، وأن الوقت في صالحهم بالنظر إلى تنامي القوة الصينية، ومن ثمَّ كان هدفهم التاريخي الحيلولة دون استقلال تايوان رسمياً أو تغيير الوضع القائم. ✅ وإذا ما كانت هناك محاذير وكوابح اندلاع حرب في شرق آسيا، إلا أن هناك جملة من المؤشرات والتداعيات الخطيرة والتي بدأت تطفو على السطح، تؤكد أن الأزمة التايوانية باتت في عين العاصفة الآن:

■ الولايات المتحدة الأمريكية قفزت للأمام وبدأت تدير نفس السيناريوهات التي تحدث في الأزمة الأوكرانية، ودعمت حركات تمرد تايوانية انفصالية على الأرض في مواجهة الصين، وبدأت بإمدادها بالمال والسلاح الهجومي، ومرفقة كل ذلك بحرب إعلامية، وجهزت معه رزمة عقوبات اقتصادية ضد الصين، على غرار ما يحدث في أوكرانيا؟!

■ الزيارة المفاجئة لوفد من المسؤولين الأميركيين السابقين إلى تايبيه يوم أمس الثلاثاء، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها طريقة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لطمأنة شعب الجزيرة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

■ التضخّم اللافت في مرور السفن الحربية الأميركية عبر مضيق تايوان، في طريقها للتموضع البحري المساند لتايوان. ■ تصريحات المتحدث بإسم الخارجية الصينية "وانغ وين بين" في إفادة صحفية يومية بأن "إرادة الشعب الصيني في الدفاع عن سيادتنا الوطنية ووحدة أراضينا ثابتة".

■ التصعيد المفاجئ والكبير في لغة الخطاب الصيني، والانتقال من لغة الدبلوماسية "بكين تحث واشنطن على إدراك مخاطر "استقلال تايوان" والتمسك بمبدأ "صين واحدة" ، إلى لغة القوة والتهديد "‏إذا حاولت الولايات المتحدة ترهيب الصين والضغط عليها بهذه الطريقة لدينا هذا التحذير الصارم: ما يسمى بالردع العسكري سوف يتحول إلى نفايات حديدية عند مواجهة السور العظيم الحديدي المتكون من 1.4 مليار صيني".

■ رسالة التهديد الصينية الأخيرة لواشنطن والتي مفادها: "ستدفعون ثمناً باهظاً لأفعالكم" جاءت مباشِرة وواضحة بأن الأمور آخذة في التدحرج نحو مواجهة عسكرية حتمية بين أطراف الصراع هناك.

⬇️ الخلاصة: التحركات الأمريكية الأمنية، وتضخّم مرور السفن الحربية الأميركية عبر مضيق تايوان، في طريقها للتموضع البحري المساند لتايوان، والزوبعة الإعلامية والمبرمجة مسبقاً، ورزمة العقوبات المجهزة لإطلاقها ضد الصين، والمترافقة مع تلك الأحداث، ما هو إلا من أجل التغطية على ما يتم خلف الكواليس. وما يحدث الآن ما هو إلا رسم سياسات دولية جديدة، وتوزيع مناطق نفوذ، وفق استراتيجية قائمة على مبدأ عالم متعدد الأقطاب، وتحكمه المصالح، وأن العالم بدأ يتجه نحو تحالفات جديدة!! ورغم أن المنهجية المتبعة في تلك الأزمات "لا حرب، لا سلام، مصالحنا تأتي أولاً"..، إلا الأحداث على الأرض قد تخالف وتعكس كافة التوقعات. وبخلاف ذلك، فإن مبررات وتداعيات التصعيد في الأزمة التايوانية، لن يتوقف إلا فور موافقة تايوان على البقاء تحت العباءة الصينية من خلال اتفاقية دفاع مشتركة واتفاقية تبادل اقتصادي تضمن الارتباط التاريخي الممتد بين البلدين كأمة واحدة.

البوابة 24