سد النهضة واحتمالات المواجهة للمخطط العدواني

محمد جبر الريفي
محمد جبر الريفي

بقلم: محمد جبر الريفي

سد النهضة الإثيوبي الذي يعود الاهتمام به إعلاميا هذه الأيام بسبب المباحثات التي تجددت بشأنه بين مصر والسودان حيث قام عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان بزيارة القاهرة واجتماعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتكثيف التنسيق بين دولتي المصب مصر والسودان في مواجهة الاستعداد لبدء المرحلة الثانية من ملء الخزان .. هذا السد هو في الأصل مخطط عدواني قديم بدأ التفكير به منذ ستينيات القرن الماضي بأيعاز من الكيان الصهيوني طمعا بتزويده بالمياه إلى صحراء النقب عبر سيناء وبمشاركة الخبراء والمهندسين الإسرائيليين في تصميم بنائه وبتشجيع ايضا ومساعدة البنك الدولى الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم التمويل وهو بنك يستخدم عادة كأداة ضغط سياسي واقتصادي من قبل واشنطن على الدول المناوئة للسياسة الأمريكية وقد حدث أن رفض هذا البنك تمويل مشروع السد العالي بسبب رفض مصر بقيادة عبد الناصر لهذه السياسة الاستعمارية وتحقيق انتصارات في مواجهة خطر الأحلاف العسكرية وكسر احتكار بيع السلاح والانفتاح على المعسكر الاشتراكي هكذا فان مشروع سد النهضة بدأ التفكير به منذ البداية كجزء من المخطط الصهيوني الامبريالي في المنطقة وبهدف تحديدا أضعاف وابتزاز مصر الدولة العربية الكبرى من حيث تعداد السكان من خلال نقص نصيبها كدولة مصب من مياه النيل التي هي شريان الحياة لمائة مليون مصري يقيمون غالبيتهم على ضفاف النهر. وقد لقي المشروع ايضا تعاطفا كبيرا من دول الغرب الاستعماري من واقع العلاقة الدينية التي تربطه مع إثيوبيا المسيحية بأغلبية مذهبها القبطي ..إن علاقة إثيوبيا السياسية والدينية بالعرب على المستوى التاريخي هي علاقة عدائية يشوبها التوتر بسبب التباين القومي والديني بين العرب والإحباش ويزيد حدة ذلك التوتر والحقد ارتباط اليهود التاريخي بالأمبرطورية الأثيوبية السابقة (يهود الفلاشا ) حيث كان يفتخر الامبورطور هيلا سلاسي باصوله اليهودية وتعلقه بنجمة داود الإسرائيلية وحادثة ترحيل يهود الفلاشا الذي تمت إلى الكيان عن طريق السودان في عهد الرئيس جعفر النميري ما زالت عالقة في الأذهان وقد كان التباين القومي والديني كذلك هو وراء حرب صحراء الأوجادين بين إثيوبيا والصومال وكذلك انفصال إريتريا وتحريرها من قبضة الهيمنة الاحتلالية الأثيوبية وحرب المياه التي من المتوقع أن تجري بين مصر واثيوبيا في حال عدم التوصل إلى اتفاق عبر عملية المفاوضات السياسية التي تجري بين حين وآخر والتي من المقرر أن تشهد قريبا جولة هامة لها بمشاركة الاتحاد الأفريقي ستكون هذه المواجهة العسكرية خيارا وحيدا لمصر للدفاع عن حقوقها الوطنية وايضا ستسجل في التاريخ السياسي للمنطقة كحلقة من حلقات العداء بين الأمة العربية وجيرانها من الأمم المجاورة ذات النزعة القومية كالفارسية والطورانيه (ايران وتركيا ) مما يدلل على أن العامل القومي هو محور الصراع في المنطقة كلها لذلك يستوجب من الأمة العربية ومن قواها الوطنية والقومية والديمقراطية الوقوف مع مصر العربية الشقيقة في دفاعها عن حصتها من مياة نهر النيل باعتبار ذلك جزءا من الأمن القومي المصري والعربي ايضا ..ومع تطور المواجهة العسكرية اذا ما جرت بين مصر واثيوبيا باعتبارها ضرورة تستدعيها تأثير وخطر السد على حصة مصر المائية فقد يكون للكيان الصهيوني دورا أساسيا من خلال تقديم المساعدة العسكرية للجيش الإثيوبي مما يكشف طبيعة المشروع الإثيوبي وارتباطه العضوي بالمخطط الصهيوني الامبريالي وفي ضوء ذلك على النظام المصري أن يعود بمصر الشقيقة الكبرى إلى دورها القيادى في المنطقة العربية من خلال التخلص من تبعات العلاقة السياسية والأمنية مع الكيان الصهيوني واعتبار ذلك مهمة عاجلة بسبب التداخل العميق بين القضايا الوطنية والقومية حتى يتوفر لها التفاف كبير من قبل الجماهير العربية لقضاياها الوطنية وذلك شبيه إلى ما كان الحال عليه في عهد المرحلة الناصرية حيث كان الدعم العربي الرسمي والشعبي لمصر في تأميم قناة السويس وبناء السد العالي وغير ذلك من القضايا الوطنية المصرية الأثر الكبير في صمودها وهزيمة القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية ....

البوابة 24