بقلم: بسام صالح
انهى الباحث والمحلل في الشؤون العسكرية مانيلو دينوتشي Manlio Dinucci تعاونه مع صحيفة المانيفستو اليسارية الايطالية، بعد تعاون استمر اكثر من عشر سنوات، حيث كان يكتب زاوية اسبوعية تحت عنوان "فنون الحرب"، ونشر على صفحته مسببا فسخ هذا التعاون، بان الصحيفة قامت بحظر مقال له كان منشورا قبل ثلاث اعوام حول اوكرانيا تحت عنوان "اوكرانيا كل ذلك كان مكتوبا في خطة مجموعة راند Rand Corp" (ظهر المقال لدقائق معدودة فقط) كما قامت الصحيفة بحذفه من الارشيف مما اثار الكاتب، ومعه الكثير من قراء المانيفستو، معتبرين ان الصحيفة قد رضخت امام الحملة الاعلامية الهيستيرية التي تهدف تعبئة البشرية للحرب ضد روسيا حتى وان تحولت الى حرب عالمية قادمة قد يتم فيها استخدام السلاح النووي.
مؤسسة راند هذه، مقرها واشنطن، ومؤسسة بحثية عالمية تعمل على تطوير حلول للتحديات السياسية، ولديها جيش مكون من 1800باحث ومتخصصين اخرين تم تجنيدهم من 50 دولة ويتحدثون 75 لغة، يتم توزيعهم في مكاتب ومواقع اخرى مثل امريكا الشمالية و أوروبا واستراليا والخليج العربي، ويعيش موظفيها في الولايات المتحدة ويعملون في اكثر من 25 دولة. هي مؤسسة غير ربحية وغير حزبيةعلى حد زعمها، يتم تمويلها رسميا من قبل البنتاغون والجيش الامريكي والقوات الجوية و وكالات الامن القومي CIA وغيرها من وكالات دول قوية اخرى ومنظمات غير حكومية.
تمت صياغة الخطة الإستراتيجية الأمريكية ضد روسيا قبل ثلاث سنوات وبالتحديد في 21/ مايو / ايار 2019 من قبل مؤسسة راند (البيان،راند: كيف تسقط روسيا).
تفتخر مؤسسة Rand Corporation بأنها ساعدت في تطوير الإستراتيجية التي سمحت للولايات المتحدة بالخروج منتصرة من الحرب الباردة، مما أجبر الاتحاد السوفيتي على استهلاك موارده في مواجهة عسكرية شاقة. الخطة الجديدة التي تم وضعها في عام 2019 مستوحاة من هذا النموذج: "روسيا تمدد بشكل مفرط وغير متوازن"، أي إجبار الخصم على التمدد بشكل مفرط وانعدام التوازن وإسقاطه.
يقول دينوتشي، هذه هي الخطوط الرئيسية للهجوم الموضحة في خطة راند، والتي تحركت الولايات المتحدة بموجبها بالفعل في السنوات الأخيرة.
"بادئ ذي بدء - تحدد الخطة - يجب مهاجمة روسيا من الجانب الأكثر ضعفًا، حيث يعتمد اقتصادها بشكل كبير على تصدير الغاز والنفط: لهذا الغرض، يجب استخدام العقوبات التجارية والمالية، وفي نفس الوقت، يجب العمل لفرض تخفيض أوروبا لاستيراد الغاز الطبيعي الروسي، وتستبدله بالغاز الطبيعي الأمريكي المسال".
اضافة على ذلك "في المجال الإيديولوجي والمعلوماتي، يجب تشجيع الاحتجاجات الداخلية وفي نفس الوقت يجب تقويض صورة روسيا في الخارج".
ويقول المحلل في مقالته ان راند في مخططها تحدد "في المجال العسكري، يجب بذل الجهود لضمان قيام دول الناتو الأوروبية بزيادة قواتها في مهمة مناهضة لروسيا. يمكن أن يكون للولايات المتحدة احتمال كبير للنجاح ومزايا عالية، مع مخاطر معتدلة، من خلال زيادة الاستثمار في القاذفات الاستراتيجية والصواريخ الهجومية بعيدة المدى الموجهة ضد روسيا. إن نشر صواريخ نووية جديدة متوسطة المدى في أوروبا تستهدف روسيا، يمنحها احتمالية عالية للنجاح، لكنها تنطوي أيضًا على مخاطر عالية".
من خلال قياس كل بديل للحصول على التأثير المطلوب – تستنتج مؤسسة راند - ستنتهي روسيا بدفع أعلى سعر مقارنة بالولايات المتحدة، لكن سيتعين على هؤلاء وحلفائهم استثمار موارد كبيرة، وطرحها من اهداف أخرى.
كجزء من هذه الإستراتيجية - خطة مؤسسة Rand المتوخاة في عام 2019 – (تقديم مساعدة مميتة لأوكرانيا من شأنه أن يستغل أكبر نقاط الضعف الخارجي لروسيا، ولكن أي زيادة في الأسلحة والمشورة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا يجب قياسها بعناية لزيادة تكاليف روسيا دون إثارة صراع أوسع بكثير يكون لروسيا فيه، بسبب قربها، مزايا كبيرة).
هنا على وجه التحديد، فيما أطلقت عليه مؤسسة راند "أكبر نقطة ضعف خارجي لروسيا"، يمكن استغلالها من خلال تسليح أوكرانيا بطريقة "محسوبة لزيادة التكاليف بالنسبة لروسيا دون التسبب في صراع أوسع بكثير"، ان حدث الانقطاع.
وما نشاهده اليوم يختتم دينوتشي "بسبب الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري الذي كانت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يشددانه أكثر فأكثر، متجاهلين التحذيرات والاقتراحات المتكررة للمفاوضات من قبل موسكو، ردت روسيا بالعملية العسكرية التي دمرت أكثر من 2000 منشأة عسكرية في أوكرانيا تم اقامتها ورقابتها من الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي وليس من حكام كييف ".
المقال الذي نشر خطة مؤسسة راند قبل ثلاث سنوات انتهى بهذه الكلمات: "الخيارات التي قدمتها الخطة هي في الحقيقة مجرد متغيرات من نفس استراتيجية الحرب، والتي ندفع ثمنها جميعًا من حيث التضحيات والمخاطر. نحن الشعوب الأوروبية ندفع ثمنها الآن، وسندفع ثمنا أكثر واكثر، إذا واصلنا البقاء مجرد احجار شطرنج مستهلكة في استراتيجية الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي".
وحقيقة اخرى كشفتها الحرب في اوكرانيا، هي تبجح الغرب واوربا، بالدفاع عن المثل والقيم الاوروبية، في دعمها لاوكرانيا، ولكن كما هو واضح فان ما ينطبق على اوكرانيا لا ينطبق على غيرها، في حق تقرير المصير، ومقاومة الاحتلال ، وكشف ازدواجية المعايير حتى في موضوع المهجرين من اوكرانيا والتتفرقة بين من هو اوكراني واي جنسية اخرى، فان كنت ابيض البشرة ومن ذوي الشعر الاشقر والعيون الزرقاء فانت تستحق صفة مهاجر وكل ما يتبع ذلك من تسهيلات، اما ان كنت ذوي البشرة السمراء، او الحنطية وشعرك اسود وعيناك يحملان الوان العذاب والاستغلال والنهب الذي مارسته اوروبا في بلدك وارغمتك على الهجرة، فعليك الانتظارحتى وان كان ازيز الرصاص يتقرب من اذنيك فانت لا تستحق الحياة مثل غيرك. كم انت منافق ايها الغرب، كم انت كاذب حتى في قيمك واخلاقك.