البوابة 24

البوابة 24

يا كريم!!

بقلم: ميسون كحيل

من يصدق أن الجدران تتكلم! وأن شبيهة النافذة في السجن يمكن أن يمر من خلالها نور الشمس؟ من يصدق أن عمر الإنسان يقاس بالتضحية والحب والوفاء؟ من يصدق أن الفدائي الذي كنا نقرأ عنه لا يزال موجوداً؟ من يصدق أن فترة أربعون عاماً لإنسان أحاط به القهر والذل والحبس الإنفرادي وصمد شامخاً يساوي اربعون عاماً من الرخاء و زهد العيش لإنسان آخر ؟ من يصدق أننا شعب لا يقهر بينما القهر فينا ويعيش معنا مع كل شروق للشمس؟ 

لقد حاولت أن أبحث عن الكلمات لأربعون عاماً من عمري لكي أعرف كيف مرت هذه الأعوام على كريم يونس في السجن؟ حاولت أن أعرف كيف مرت عليه هذه الأعوام وهو مقيد ؟ حاولت أن أكون أخته! أو أن أسبح في أعماق قلب أمه لكي أشارك بجزء من الألم. حقاً لم أتمكن من فعل ذلك ولم أستطع فكل الكلمات باتت مفقودة في حضرة الظلم الكبير و كل المشاعر تأتي وتذهب لأن الله منحنا من النسيان نعمة. بينما هذا النسيان مفقود وغير موجود في قلب الأم و في عقل الأب وحبه الصامت . هكذا أرى حب الأب صامتاً برجولة ظاهرة بينما تتمزق كل أعضاء جسده دون ان يئن.

كريم يونس أقدم أسير عرفه العالم، كريم يونس إنسان فلسطيني أحب وطنه في زمن حب الوطن الذي نفتقده الآن، و كان عاشقاً لتراب وطنه عندما كان للوطن تراب. فالوطن أصبح بلا تراب وحل مكانه عدد من المستوطنات وكثير من تجار الوطن الذين تميزوا ببيع التراب في سبيل مقعد في مجلس أو مديراً في وزارة أو إسم سياسي ونضالي في ثوب مزيف! وعلى رأي من فهم المعادلة مبكراً وغادر الساحة جبراً أو طوعاً إننا في زمن الرويبضة وعلينا أن نغادر !! لكن كريم يونس لم يتمكن من المغادرة و استمر في السجن منتظراً شروق الشمس التي لم تشرق له وكأنه يعقد إتفاقاً مع الظلام!  

تسعة شهور و ولادة جديدة هي المدة الباقية من الأربعين عاماً لخروج الإنسان إلى الحرية والحياة مجدداً مع إعتذارنا له لأننا قد نكون قد قصرنا معه رغم انه لم يقصر معنا ومع وطننا الذي أحببناه وليس لنا إلا أن نطلب ما يتمناه و نتوجه للمولى بأن يفك أسره يا الله يا كريم.

كاتم الصوت: ماذا يعني أن نتباهى بعدد أسرانا وبعدد أعوام يقضونها خلف القضبان وهم يقضون حياتهم خلف هذه القضبان!؟

كلام في سرك: اللي ما منه وجع راس نساهم بإخراجه من المعتقل..واللي ما بسمع الكلام خليه!!

رسالة: لا تصدق نفسك بأنك الرئيس المقبل، الشعب هو من يختار رئيسه.( أحتفظ بالأسماء).

البوابة 24