نحو إنضاج تجربة نضالية ثورية في الضفة الغربية والقدس

 بقلم: أ. د. خالد محمد صافي

يسعى البعض من الكتاب ونشطاء التواصل الاجتماعي إلى الترقب والانتظار كنوع من التحريض بأن الشارع الفلسطيني ينتظر إعلان الناطقين العسكريين باسم الفصائل الوطنية والإسلامية لحظة الصفر لدخول غزة مواجهة الدفاع عن الأقصى ضد الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للقدس سواء الجنود أو المستوطنين. وأن غزة وصواريخها يجب أن تدخل على خط المواجهة كما دخلته في العام المنصرم. 
حقيقة أن دخول فصائل المقاومة في غزة على خط المواجهة شكل العام المنصرم إضافة تراكمية للعمل النضالي الفلسطيني من خلال اظهار أن القدس هي بوصلة النضال الفلسطيني، وأن المقاومة في غزة غير محصورة بغزة بل رافعة للمشروع الوطني كله بثوابته الوطنية. وحاولت الفصائل من خلال تدخلها أن القدس وغزة والضفة وحدة جغرافية وطنية واحدة. بل تجاوز الأمر إلى أراضي 1948م وبالتالي النجاح في ربط كل الساحات في فلسطين الانتدابية في معركة مقاومة المحتل، كل طرف وفق إمكانياته وخصوصية ظروفه المحيطة. 
   ومع ذلك فأننا نرى أن دخول فصائل المقاومة في غزة المواجهة من خلال الصواريخ يشكل اجتهاد غير مقبول في الظروف الحالية. إذ يعيد ذلك تسليط الضوء إلى غزة في المحيط المحلي والعربي والإقليمي والدولي. وهذا تكريس للسياسة الإسرائيلية في العقدين الأخيرين بتوجيه الأنظار نحو غزة سياسيا وإعلاميا من أجل استقرار الجانب الصهيوني بالضفة الغربية من خلال تكثيف الاستيطان وتهويد القدس. وقد نجح الكيان الصهيوني في ذلك من خلال عدوانه المستمر على قطاع غزة، والحاق التدمير في البنية التحتية والعمرانية مما يعني حالة استنزافية لغزة، وتحويلها إلى قضية إنسانية تتمثل في الإعمار وإعادة الإعمار، ومن خلال تضييق الحصار عليها لحصرها في نطاق الفقر والبطالة والإغاثة الإنسانية. أي حرف الأنظار إلى غزة بينما يمارس الاحتلال بأبشع الأساليب والإجراءات نشاطاته الاستيطانية والتهويدية. ولذلك نعتقد بضرورة تجنب الدخول الآن على خط المواجهة من أجل ابقاء الضوء مسلطا على الضفة الغربية والقدس. وأن يبقى الحراك السياسي والإعلامي المحلي والعربي والإقليمي والدولي مسلطا على الضفة الغربية والقدس.
كذلك من جهة ثانية يجب أن تدعم الفصائل الوطنية والإسلامية في قطاع غزة حالة الاستنهاض الوطني في الضفة الغربية. حيث يجب ترك الضفة الغربية والقدس تعيد ترتيب وضعها المقاوم الشعبي والنهوض به نحو ثورة شعبية. وبالتالي يجب ترك الظروف في الضفة والقدس تتراكم في بعد نهضوي وطني شامل ربما ينطلق من جنين الى نابلس والقدس وباقي مدن الضفة الغربية كانتفاضة شعبية موجه ضد الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية والتهويدية. فالمعركة الحقيقة الآن هي في الضفة الغربية والقدس وليس في غزة، لأن الضفة الغربية والقدس إذا لم تثر الآن ضد السياسة الصهيونية فإن الضفة ستتحول إلى كنتونات منعزلة في غضون عشر سنوات عندنا يصل عدد المستوطنين إلى نحو مليون مستوطن. وبالتالي سوف لن يستطيع الفلاحون الذهاب لأراضيهم أو الخروج من بيوتهم بعد حلول الظلام. وسيكونوا هدفا لملشيات المستوطنين. هذا إضافة إلى ما تعانيه القدس من تهويد. ولذلك فإن الضفة الغربية والقدس مطالبة الآن بانضاج تجربتها النضالية الثورية الذاتية، وشد الهمم في كل مدينة وقرية ضد الاستيطان والتهويد.
إن دخول قطاع غزة على خط المواجهة سيحرف المسار، ولذلك على فصائل المقاومة في غزة أن تراقب الوضع وتوصل رسائل للأطراف، وأن تشكل قوة رادعة يلوح بها دون استخدامها حاليا. مع ضرورة تقديم كل الدعم المالي والإعلامي والسياسي من أجل إنضاج تجربة المقاومة في الضفة الغربية والقدس، هذا إضافة إلى فلسطيني 1948 في معركة الدفاع عن الأقصى. وأن يتم استنهاض الجاليات في الخارج لتقديم كل دعم ممكن للمقاومة في الضفة الغربية. 

غزة
18/4/2022

البوابة 24