المُغفّلٍ والمُحتالٍ.!

بقلم: محمد أحمد سالم

"معظم الناس يفضلون الموت على التفكير"! برتراند رسيل. - فجأه ... وبعد صمت طويل ، وبلا مقدمات انتفض السؤال الذى لا يتوقف عن مواجهة عم "عشم" منذ بداية مشوار الكتابة وإلى اليوم : هل هو كاتب ساخر أم كاتب سياسي أم كاتب قصص .. هل هو سياسي أم أديب.؟ أصل الحكاية."كل شىء سياسة"، فقد كان مُدركا مدى الارتباط الوثيق بين الأدب والسياسة.

قال: إننى مشارك لسنوات طويلة، وبالتالى فقد خبرت مراوغات السياسة وتعلمت أن أسمع- ثم أشك، ثم أكتشف أن الكلام فى السياسة والخطاب العام شئ والفعل ونقيضه إذا لم يحاذر من يعنيه الأمر.

- إلى هذا الحد قد تمتلك السياسة القدرة على الترويج للدجل ومساعدة النصابين؟. وتحض الناس على الرضا بالمخطط، وحالة الخراب الحالي المرسوم .. المقصود المقسوم ؛ وقبول حالة الدجل السياسي، والفقر الفكري بحسبانه قضاءً وقدرًا. وتنفيذ السيناريو الذى يضعونه لهم بحذافيره.؟! نعم .. هذا ما حدث، ولم يعد مثيرًا للعجب!! بعد أن استيقظ القوم، على خبر إشهار كتاب "المُغفّلٍ و المُحتالٍ" للكاتب الفيلسوف عم "عشم". الفظيع أن الفيلسوف الكبير ، يستنكف الدخول فى مثل هذا الحوار الهزلى وإنما مضى يؤلف ويرتجل ويجوّد فى حكايات وحواديت وقصص صادفها.

من أجل إنماء المجال المعرفي. - قلت ما مؤداه: جميل وتحفة كتابك الجديد، يا عم "عشم"...الف الف مبارك.. لأ و إيه.. نازل في كل المكتبات، وبقى مشهور بعدد الشهور، و مين قدك يا عم "عشم".. وعشمك الكبير في الموالسة وعشمك الاكبر ، فى حوار الكذب الأزلي للوحدة والعزلة..!! وفشر ..مئة عام من العزلة "غابريل غارسيا ماركيز" وروايته..طبع منها قرابة الثلاثين مليون نسخة". - تسلمى يارب..الله يبارك فيك

- بس اسم الكتاب غريب شوية!! " المُغفّلٍ و المُحتالٍ" مش عارف...حاسس أن النشاط ده مش ماشى مع شياكة أفكارك السياسية الجديدة..و بصراحة كدا.. أنا شاكك فيك من زمان من أيام "دالشمسكى" انك تبع للغرب الرأسمالي.

- و الله الحمد لله ادينا شغالين..بإتنين .. دماغي وعضلات. عم سعيد. طيب انا مش حاكسفك. طالما حضرتك واثق من كلامك... واجاملك برضو علشان خاطرك. بس قبل الكلام .. خلي بالك.. خميس دستويفسكي قال: "إنّ الذينَ يُجيدون الكلامَ يتكلمون بإيجاز" . فبلاش تطول وتحور وتطور علينا بالحوار بتاع كل أسبوع.. هات من الأخر.

- عم عشم بأسلوبه البليغ قال: "الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ".وفي الفلسفة يحذرونا العم "عشم" من خلط السبب بالنتيجة، فيقول : عندما تقوم جماعة ما بجر نفسها إلى الهلاك بسبب هذا الخطأ او ذاك .. فيعني ان الجماعة منتهية مسبقا، وأنها فقدت غريزة تأمين الوجود. فالأخطاء لا تقود إلى تحلل الجماعات والاحزاب .. بل تحللها وتدهورها هو الذي يؤدي إلى ظهور الأخطاء ؛ الخطأ هو نتيجة وليس سببا ..وعندما تكرر جماعة ما بشكل دوري وثابت نفس الخطأ..فمعنى ذلك ان العبث يقبع في عقلها.. ويصبح إصلاح الخطأ مجرد تأمين لاستمرار التدهور.. العلة ليست في الخطأ .. العلة ابعد من ذلك بكثير.

- عم سعيد : بالبلدي كده.. مفيش حاجة كانت عفوية ولا بحسن نية.. باختصار شديد : الحكاية كلها مسار مرسوم من بداية الانقسام، و قبل العام 2007م حتى اليوم وإلى أجل لا يعلمه إلا علام الغيوب.. مسار إجباري من وراء ستار .. مسار لا اختيار!! ولا أريد أن أذكّر القارئ بما قاله شمعون بيريس،و قد اعتبر الانقسام ثالث إنجاز تاريخي للحركة الصهيونية بعد الإنجاز الأول إقامة الكيان الصهيوني، عام 1948، وهزيمة حزيران العام 1967".

- عم عشم: لماذا يغضبون منا ويكرهوننا حين نكتب عن الحقائق اليومية التى يعيشها الناس ويعرفونها؟ الواقع اليومي للناس هو الذي يتحدث إليهم بأفصح لسان وأبلغ بيان. الواقع هو الحقيقة دون رتوش أو تزويق. ما نعيشه لا يمكن الدفاع عنه، أو تبريره أو تجاهله.

نحن لم نخترع شيئا ولا نروج لوهم أو خيال غير موجود ؟ نحن نكتب عنها لنعبر عن الناس الذين قد لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم ، ونكتب لننصح ونقترح ونضيئ الضوء الأحمر خوفا على هذا البلد وشعبه ومستقبله ..! فالثقافة السائدة سماعية شفاهية تعتمد على ترديد الأقوال... قال فلان وقال علان... لكن ماذا تقول أنت؟ أين أنت؟ أنت لست موجودا، الموالسة يتكلمون من خلالك، إنهم هم الأحياء وأنت الميت. الله يرحمك.

- عم سعيد: ونكتب لأننا لا نستطيع الصمت على الباطل وعن معاناة الناس ونحن وأهلنا وأصدقاؤنا وجيراننا منهم .. قد يختلف مقدار معاناة وتأثر كل منا بما يحدث ، ولكن المحصلة واحدة : شعب يعانى وبلد يتدهور حاله ، تحت حصار نازي صهيوني فاشي فاشل فاسد أبن سته و ستين كلب، وفوق ذلك..مظالم كثيرة وحقوق مهضومة ، وحريات ممنوعة ، وقبل كل ذلك نكتب وفاء واحتراما لدماء شهداء أريقت فداء لكل تلك الحقوق والحريات ولكل ذرة تراب من هذا البلد. وأن الشعب الفلسطيني المحاصر، بالتجويع والإعتقال والأسوار لن يكف عن النضال لتحرير أرضه. - عم عشم : إحنا في مصيبة حقيقية .. وهل الصمت والسكوت والانقسام ونشر الخوف يساعد الوطن؟! وهل مخطط الانقسام يصلح قضية على هذا الحال؟! .. صمت الناس سنوات طوال ، صبروا وتحملوا على أمل الوحدة الحقيقية والمحاسبة و الإصلاح، وكلها عوامل وأساس البناء والاستقلال وأمل الرخاء ، ولكن ماحدث كان هو العكس.!

فليس أسوأ من الجرم والفعل وأصحابه ، إلا الصامتون عنه والمصفقون له من المنتفعين الإنتهازيين .. يستوون فى الجرم وفى العقوبة.! فاللص الحقيقي ليس الذي يسرق بيتك، وإنما الذي يسرق وجودك! وحق اختيارك. - عم سعيد: من الاخر.. عندما تحيط الأزماتُ بالناس، وتعجز عن مساعدتهم .. فابتعد عنهم، لأن المأزومين لا يظهر منهم إلا أقبح ما فيهم!!. فحديث الطيران لا تعقله الزواحف! .. اللهم إنى صائم..!

البوابة 24