فلسطين - البوابة 24

تمكنت حشرة واحدة على كوكب الأرض، على مدى عشرات ملايين السنين، من تطوير قدرة فريدة مكنتها من العيش في ظروف قاسية جدًا ومتجمدة خلال فصلي الصيف والشتاء في القطب الجنوبي، إلا أن هذه الحشرة قد تنقرض في الشتاء القادم.

وقامت حشرة "Belgica Antarctica" التي تعرف عربيًا باسم "بلجيكية القطب الجنوبي"، وهي نوع من الذباب الصغير بلا أجنحة، بتطوير قدرة فريدة تساعدها على البقاء في ظروف القطب الجنوبي القاسية، وهي الحشرة الوحيدة التي تستطيع البقاء على قيد الحياة على مدار العام في القارة القطبية الجنوبية، لذلك تعتبر علميًا أنها الحشرة الأصلية الوحيدة في القارة.

حشرة مهددة بالانقراض

وأظهرت تجارب معملية جديدة، أن فصول الشتاء الأكثر دفئا في القطب الجنوبي أثرت بدرجة كبيرة على تحركات هذه الحشرات ومخازن الطاقة لديها، وهو ما يهدد فرصها في رؤية صيف آخر جديد على وجه الأرض.

وبالرغم من صغر حجم هذه الحشرة، إلا أنها علميا تعد أكبر حيوان بري بحت موطنه القارة القطبية الجنوبية، أي أن منشأها الأول كان في القارة الجنوبية ولم تأت إليها كباقي الحيوانات.

ونجحت هذه الحشرة الغريبة في تطوير استراتيجية ذكية جتى تتجنب الموت الناتج عن التجمد وتحمل فصل الشتاء القارس، حيث تقوم بتجفيف نفسها من الماء بشكل تدريجي بهدف منع تحول ذرات المياه في داخلها إلى بلورات جليد الأمر الذي يسبب تلفا للأنسجة.

وتقوم الذبابة بتجفيف نفسها ببطء، حتى تصبح في ظروف مناسبة، وتستطيع البقاء إلى الصيف الجديد (الموسم القادم) بعد فقدانها ثلاثة أرباع المياه في جسمها.

عودة الرطوبة

وتقوم عملية عودة الرطوبة إلى هذه الحشرات إلى حد كبير، على الرطوبة التي تقوم بامتصاصها من الهواء أو التي تنتج عن الماء السائل، مما يجعها حساسة جدا للتغييرات الصغيرة في الظروف البيئية.

وبسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير بما يصل إلى نصف درجة لكل عقد في القطب الجنوبي، قد تتغير هذه الظروف.

وحذر الباحثون في دراستهم، من أن هذه التغيرات قد تؤدي إلى حدوث خلل في دورة حياة هذه الحشرات الفريدة، الأمر الذي قد يتسبب بانقراضها على شكل "ضربة" تقضي على المجموعات بشكل كامل.

ومع موجات الحرارة القياسية التي تظهر في القطبين نتيجة الاحترار، يمكن أن تصبح الحشرة الوحيدة التي تعتبر القارة القطبية الجنوبية موطنها الأصلي، ضحية أخرى لمناخنا سريع التغير.