البوابة 24

البوابة 24

حملة التحريض ضد الرئيس محمود عباس "الأسباب والأهداف والتوقيت والمكان"

بقلم / إحسان بدرة – ناشط سياسي واجتماعي وتربوي

من العنصرية فقد توحدت المؤسستين الرسمية وغير الرسمية في إسرائيل في حملتهم التحريضية ضد الفلسطينيين، وخاصة ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أثر رده على أحد الصحفيين الذي طالبه بالاعتذار عن عملية ميونخ التي نفذتها مجموعة فلسطينية قبل 50 عام ضد عدد من الرياضيين الإسرائيليين وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مع المستشار الألماني اولاف شولتس في ديوان المستشارية الألمانية يوم الثلاثاء الماضي الموافق 16/3/2022، حيث قال الرئيس أن إسرائيل منذ بدء احتلالها للفلسطينيين العام 1948،ارتكبت 50 مذبحة ضد الفلسطينيين واصفاً كل مذبحة من هذه المذابح بهولوكوست، في محاولة منه لتشبيه هذه المذابح بجريمة الهولوكست التي نفذتها النازية الألمانية ضد اليهود في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، وإسرائيل برفضها حل الدولتين الذي يطالب بتنفيذه المجتمع الدولي برمته بما في ذلك ألمانيا انزاحت وفقاً لتقارير المنظمات الحقوقية الإسرائيلية والدولية لدولة فصل عنصري أبارتايد.

وتعتبر حملة التحريض هذه هي الأشرس التي تنفذها إسرائيل ضد الرئيس عباس منذ انتخابه رئيساً للسلطة الفلسطينية العام 2005، وفيما التحريض ضد الفلسطينيين سمة أصيلة من سمات السياسة الإسرائيلية لتبرير استمرار احتلالها لهم وتنكرها لحل الدولتين، إلا أن هذه الحملة تختلف عن سابقاتها من حيث الأسباب - التوقيت - المكان الأهداف الأسباب حيث كشف الرئيس محمود عباس برده سؤال الصحفي غير البريء عن التناقض الواضح بين الأساس الذي تقوم عليه الرواية الصهيونية والممارسات الإسرائيلية خلال عقود ضد الفلسطينيين، إذ تقوم الرواية الصهيونية على اعتبار إسرائيل استجابة للهولوكست.

هذا جعل من مشروع التساؤل كيف لمن كان ضحية لهذه الجريمة المدانة من الناحية الإنسانية حيث أن إسرائيل تمارس جريمة الأبارتايد ضد شعب يدين هذه الجريمة وينشد الحرية والاستقلال والعيش الكريم بطرق سلمية وفقاً لمعايير الشرعية الدولية؟ التوقيت هذه الحملة تزامنت مع التوقيت الذي يشهد فيه النظام الدولي حالة من التحول والانتقال من نظام القطب الواحد إلى نظام آخر نظام التحالفات فإسرائيل تحاول ضمان بقاء الغرب الشريك الأكبر لمشروع انشاء إسرائيل في المنطقة، داعماً للرواية الصهيونية، حيث أن الغرب الآن مهدد أن يفقد الهيمنة على النظام العالمي المستمرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .

ولا ننسى في هذا المقام تراجع مصداقية الرواية الصهيونية حول العالم وخاصة في أوساط الشعوب الغربية وبما في ذلك اليهود داخل إسرائيل وخارجها والذي دفع خروج كثير من الأكاديميين وأصحاب الرأي اليهود حول العالم عن صمتهم والبدء في نشر أوراق وأبحاث وكتابات يرون فيها أن إسرائيل في مواصلة احتلالها وتنكيلها للفلسطينيين إنما تسيئ لليهودية وتخطأ في توظيف الهولوكوست وبالإمكان هنا الرجوع لكتابات الأكاديمي اليهودي الأمريكي المعروف بيتر بينارت والمشهور في الأوساط الأمريكية اليهودية بأنه الرجل الأصدق في أمريكا.

المكان لقد كان الحدث في العاصمة الألمانية " برلين" والتي كانت مركو النازية والتي تعيش خطيئتها حتي الآن وهذا يعني الانحياز لصالح الرواية الإسرائيلية على حساب الرواية الفلسطيني الأهداف فإسرائيل تهدف وتسعى منها إلى تثبيت الركائز التي قامت عليها الرواية الإسرائيلية خلال هيمنة النظام الدولي الذي نشأ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ذلك النظام الذي ظلم الشعب الفلسطيني وتنكر لحقوقه من خلال انزياحه التام لصالح إسرائيل والرواية الصهيونية.

أما من حيث النجاح لهذه الحملة من عدمه في تجنيد الرأي العام العالمي والنظام العالمي لصاح الرواية الصهيونية فإن هذا النجاح لن يكون لصالح إسرائيل هذا لعدة أسباب 1- بتحليل رد السيد الرئيس محمود عباس نجده أنه جمع المفاهيم الأربعة حل الدولتين، والسلام، والمذابح والهولوكوست، والأبارتايد 2- غياب الاستراتيجية التي خدمت إسرائيل بنجاح خلال العقود السبع الماضية 3- تراجع في القناعة في الرواية الصهيونية التي عمادها الهولوكوست بنسبة 40% في أوساط الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية وفقا لاستطلاعات الرأي التي تنفذ من قبل مؤسسات أمريكية متخصصة، مقابل قناعة هؤلاء أن إسرائيل هي دولة أبارتايد.

البوابة 24