أسير مقدسي يُصدر بيان من سجن "نفحة" حول سحب ترشحه ضمن قائمة "فتح" للانتخابات

سجن نفحه الصحراوي
سجن نفحه الصحراوي

أصدر الأسير المقدسي حسام زهدي شاهين، اليوم الجمعة، بيان توضيحي من داخل سجن "نفحة" الصحراوي، حول سحبه للترشح الداخلي لحركة فتح لانتخابات المجلس التشريعي.

وفيما يلي بيان الأسير حسام شاهين كما وصل "البوابة 24":

في البداية لا يسعني إلا التوجه بجزيل الشكر والمحبة لكل من ساندني ووقف إلى جانبي خلال الأيام القليلة التي أعلنت فيها عن ترشيح نفسي وفق الترشيح الداخلي لحركة فتح لاختيار مرشحيها في انتخابات المجلس التشريعي، في ذات الوقت أعتذر وبشده من كل من خيبت أمله جراء انسحابي من غير أن أدرك، وحتى أغلق باب اللغط الناجم عن هذه الخطوة أود توضيح القضايا التالية:

أولاً: إن ما دفعني وعدد من الأسرى إلى الاقدام على هذه الخطوة لم يكن سوى تثبيت مبدأ التمثيل الرمزي لأسرى الحركة ضمن قائمتها، وذلك من باب التأكيد على شرعية النضال الوطني الفلسطيني باعتبار الأسرى مناضلين من أجل الحرية، وفي ذات الوقت شركاء حقيقيين وأساسيين في بناء نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي، وقد سبقنا على درب الالام والمعاناة والتضحية مئات الآلاف من أبناء شعبنا وفي مقدمتهم أبناء حركة فتح، بحيث سيشكل هذا التمثيل رداً واضحاً من جانب الحركة على الهجمة الشرسة من قبل حكومة الاحتلال الصهيوني والادارة الأمريكية التي تستهدف ربط النضال الفلسطيني بالارهاب لنزع شرعيته، من بوابة وقف رواتب عوائل الشهداء والأسرى، وسعيها لقرصنة قيمة المدفوعات من عائدات الضرائب، إلى جانب القيمة المعنوية التي تمثلها هذه الشريحة على الصعيد الشعبي والتمثيل الانتخابي الذي من شأنه أن يعزز فرص القائمة برصيد أكبر من المقاعد البرلمانية.

وبالرغم من كل ما حصل من متغيرات داخل الحركة في ربع القرن الأخير إلا أننا ما زلنا ومن موقعنا في الأسر نرى أن حركة فتح هي حركة تحرر وطني، ونحن نقوم بواجبنا الوطني إن كان داخل الأسر أو خارجه.

ألا يحق لألفي أسير فتحاوي وعائلاتهم وبينهم 350 مؤبد ومئات من أصحاب المحكوميات العالية أن يكون لهم تمثيل حقيقي في المجلس التشريعي.

ثانياً: إنني من المؤمنين بأن إشغال مقعد برلمان من داخل السجون يحمل في طياته مغامره باتجاهين، يحرم الجمهور من الخدمات التي يمكن للنائب تقديمها منفعة للناس، ويعيق تمرير مشاريع القوانين والتشريعات التي تسعى إليها كتلته البرلمانية لإنتفاء الوكالة الفكرية عن هذا الجانب، وقد سبق وعبرت عن هذا الرأي بشكل واضح في مقالة لي قبل الانتخابات التشريعية عام 2006.

ثالثاً: بناءً على ما سبق، لم أتقدم بترشيح نفسي عن دائرة القدس، وإنما من خلالها كوني من أبناء المدينة المقدسة "زهرة المدائن" مدينة الاقصى وكنيسة القيامة، وكل ما تحمله في وجدان وضمير وقلوب العرب والمسلمين جميعاً وفق ما تمليه شروط الترشح، علماً أنني أتشرف بهذه الهوية التي أعتز بها كثيراً، فأنا لا أقبل على نفسي بأن أزاحم من هو أحق مني في القدس بهذا التكليف، ولا من هو/هي أقدر مني على خدمة أبناء المحافظة، كونه/ها يعيش بين الناس، بينما أنا مقيد خلف القضبان، وإنما رشحت نفسي ضمن هامش التمثيل الرمزي للحركة الأسيرة الذي ننادي به بما يخدم الهدف الذي سبقت الإشارة إليه.

رابعاً: يوجد نهج خاطئ ومنذ سنين طويله يتبناه جزء من الأخوة في اللجنة المركزية قائم على مناكفات شخصية لا علاقة لها بواقع أسرى الحركة ولا باحتياجاتها، ويتناقض مع مكانتهم وحقوقهم التنظيمية والوطنية، لدرجة بتنا نحرم فيها من هذه الحقوق، وكأن تحمل الحركة لمسؤولياتها تجاه أبنائها الأسرى وإنصاف من يستحق الإنصاف منهم سيؤدي إلى تداعيات سلبية بين أسرى الحركة الأمر المنافي للعقل والذي يؤكد خلط الحابل بالنابل والتهرب من تحمل المسؤوليات، وقد بات نهج (الارتدادات السلبية) أشبه بسيف لحرمان الأسرى من حقوقهم التنظيمية والوطنية لكنه مزركش بغمد إسمه عدم المساس بقدسية الحركة الأسيرة.

وعليه أتوجه بندائي هذا لسيادة الأخ الرئيس صاحب الموقف الأكثر وضوحاً من حقوق الأسرى لحسم هذه المسألة وتصويب مسار هذا النهج الضار، من خلال اعتماد آليات عمل تنظيمية تكفل لأبناء الحركة من الأسرى المشاركة الفعلية في بناء الجسم التنظيمي وتفعيل مبدأ المحاسبة للمفسد والمكافأة للمنجز واستنهاض الحركة بعيداً عن المناكفات والأهواء الشخصية، علماً أن فتح داخل السجون غنية بالكادر القادر على تقديم إضافات نوعية، وقد توجهنا وفق الأصول التنظيمية بمراسلات للأخ الرئيس وللأخوة في اللجنة المركزية تحمل اقتراحات بناءه حول الخروج من الأزمة.

خامساً: ولأنني من أصحاب دعوة التمثيل الرمزي لأسرى الحركة بعيداً عن رغبتي الشخصية فقد قررت سحب ترشحي لصالح الأخ الأسير والقائد أيمن الشرباتي بهدف حصر مرشحي أسرى القدس بواحد، وبالتالي إلغاء ذريعة البعض منا التي تدعي بأن الإختيار بين أكثر من شخص سيؤدي إلى آثار سلبية، مع أن الحركة ستقوم باختيار قائمة المرشحين من بين مئات المتنافسين على مستوى الضفة والقطاع والقدس، مع العلم أن الترشح كما سبق وأوضحت مرتبط بالتمثيل الرمزي للأسرى وليس بالمحافظة التي ينتمون اليها.

سادساً: القدس هي محور الصراع الدائر حول إجراء الانتخابات، وأية انتخابات فلسطينية تنتقص من المعايير التي جرت عليها في المرات السابقة يعد تراجع خطير وتنازل كبير لايقل سوءاً عن عملية التطبيع المجانية مع كيان الاحتلال التي ارتكبتها بعض الدول العربية، كما أنه لايجب البحث عن بدائل لأنها ليست مهمتنا، وإنما يجب إلزام المجتمع الدولي بفرض التزاماته على دولة الاحتلال بشأن الإنتخابات إذا أراد أن يحمي الديمقراطية الفلسطينية، ويتعامل مع شرعية سياسية منتخبة.

سابعاً: إن حجم الإهمال التنظيمي الذي يعاني منه أسرى الحركة داخل السجون لم يسبق له مثيل في تاريخ الحركة الأسيرة، وكل ما يتم الترويج له حول قدسية الحركة الأسيرة في أغلبه شعارات فضفاضه لا تمت للواقع بصلة، ومن ناحيتي سأكتفي مرحلياً بهذه الصرخة العلنية تاركاً الأمر للمعالجات الداخلية التي آمل أن تباشر الحركة بتفعيلها قبل استفحال المرض وفوات الأوان، علماً أننا توجهنا في العشر سنوات الأخيرة بكثير من الرسائل والمطالبات لقيادة الحركة من أجل ترتيب الحالة التنظيمية داخل السجون على أسس ديمقراطية وتنظيمية إلا أنها لم تلقى أي تجاوب.

إن قوة حركة فتح لاتتجسد إلا بوحدتها الداخلية، وهذه الوحدة لايمكن أن تتحقق إلا بتوزيع المسؤوليات وتوسيع المشاركة وتحقيق الانصاف بناءً على الكفاءة وصدق الانتماء، وليس بناءً على الولاءات الشخصية والمحسوبيات، خاصة وأننا نعيش أصعب مراحل الكفاح الوطني في ظل انهيار الإقليم، وتراجع دور المجتمع الدولي، وتشظي الواقع الداخلي وإتساع الفجوة بين القيادة السياسية ومجموع الجماهير.

مرة أخرى أعود وأجدد اعتذاري لكل من خيبت أمله، وشكري لكل من ساندني ولازال من أبناء الحركة ومن جماهير شعبنا العظيم، وكلي أمل أن تساهم هذه الانتخابات في تعزيز الوحدة الوطنية لا في تكريس الانقسام والإعتراف بسلطة الأمر الواقع، لأن الإعتراف بها عبر شرعية صندوق الإقتراع سيمنحها قوة أكبر ولن يقود إلى تراجعها بقدر ما سيؤدي إلى تكريسها، إلا إذا كان هناك ضمانات خارجية وإرادة سياسية داخلية يعلمها المجتمعون في القاهرة ولا نعلمها نحن.

وحتى نلتقي أحراراً تحت سماء الحرية فوق ثرى القدس المحررة لكم مني كل المحبة والاحترام،،،

البوابة 24