حشرات الفيسبوك

بقلم: سعيد رمضان علي – كاتب مصري

الظاهر أن مارك حجب حسابي القديم، لكي ألعب معه- من خلال حسابي الجديد- لعبة الكلمات المتقاطعة العكسية ، أثناء الدفاع عن أهم القضايا المصيرية، واللعبة المقصودة هي تقطيع كلمات معينة حتى لا يتم حجب الصفحة. لقد سبق لمارك أن أطلق بضغط من الاحتلال ، بعض حشرات الفيس بوك "خوارزميات" للتجسس على المحتوى الرقمي للمدافعين عن قضية فلسطين، ثم اتخاذ الإجراءات لحجب الصفحات بحجة مخالفة "معايير مجتمعنا" وهو ما حدث لعشرات الصحفيين والإعلاميين والكتاب الفلسطينيين.

الأمر الغريب أن الذين تعرضوا للحجب لا ينشرون منشورات إباحية، ولا يقومون بخداع الآخرين لسرقه أموالهم، أو أي أعمال من أعمال الدجل والشعوذة، أو تسويق المخلل باعتباره عسل نحل! فهؤلاء منتشرون على صفحات التواصل الاجتماعي، وطبعا وحسب مفهوم مارك لا يخالفون معايير المجتمع الفيسبوكي، بل يدعمون هذه المعايير لأنه أفعالهم تتماشى مع حرية الرأي والتعبير!

أما الذين تعرضوا للحجب فهم من يقومون بالدفاع عن وطنهم الذي نهبت حقوقه وشرد وأعتقل أطفاله، واستشهد آلاف من شبابه، وهذا الدفاع تطلب نقد السياسة الإسرائيلية، كما تطلب الخوض في مجاهل التاريخ الفلسطيني، لكشف الزيف والخداع الذي مارسه الاحتلال طول عقود في المجتمع الدولي، وقد نجح النشطاء من خلال منصات التواصل الاجتماعي، في العمل على تأكل الرواية الصهيونية وزعزعتها، ودعم القضية الفلسطينية، ومع تقلص القدرة على نشر الرواية الصهيونية، سارع الاحتلال لمحاربة النشاط المدافع عن القضية الفلسطينية، واتهامه بأنه "محتوى يحرض على الإرهاب" وعليه بتم مواجهته بالحجب، لطمس الحق الفلسطيني، وحجب التغول الذي بتم يوميا على أبناء فلسطين عن العالم، ليكون له مطلق الحرية في القتل وتدنيس المقدسات... مصمما على تدمير الحياة.

لكن لماذا ترك مارك الفيس بوك يخضع لضغوط الاحتلال؟ الواقع أن الضغوط التي تقوم بها حكومة الاحتلال على عدة محاور، لا يقابلها ضغط حقيقي وفاعل من جانب الحكومة الفلسطينية، يقوم بعملية توازن ويسمح بترك النشطاء الفلسطينيين وشأنهم على منصات التواصل.

ويستغل الاحتلال الانقسام الفلسطيني، ليضرب بالعدالة والقانون عرض الحائط، وبينما نشاهد موقفا موحدا من الشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية، نرى الداخل الفلسطيني لا يتفق على شيء! ويعمل النشطاء الفلسطينيون والصحفيون والإعلاميون في هذا الجو الغريب وحدهم، دون إثارة قضايا الحجب في المحافل الدولية، من خلال السفارات أو المندوبين في الأمم المتحدة، الجهة الوحيدة النشطة – على حد علمي- هي لجنة دعم الصحفيين، وعضويتها مفتوحة للصحفيين المهنيين والجمعيات الصحفية.

حجب الصفحات مشكلة خطيرة، تؤثر على القضية الفلسطينية على المدى البعيد، لأنها تغلق تدريجيا المنافذ الحرة التي تكشف أعمال القتل والتدمير التي يقوم بها الاحتلال، وإذا كانت الدعوات تتصاعد لفرض عقوبات على المحتل بسبب انتهاكاته لحقوق الفلسطينيين! فينبغي أن تتصاعد دعوات أخرى لفرض العقوبات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تنتهك حرية الرأي والتعبير بحجة مخالفة "معايير مجتمعنا".

البوابة 24