لم يبتعد صوتك المشتهى.. (الى فدوى طوقان)

عبد الناصر صالح
عبد الناصر صالح

عبد الناصر صالح

وحدك الآن،
لا
لست وحدك،
تغتسلين بماء العيون الأسيفة
اذ جف ضرع الينابيع
وانشطر القلب نصفين:
نصف تلقفه الموت
حين استجار من الحلم بالدمع،
فاستنزفته المتاهات
والرجفات المدببة الرأس،
والآخر ازدان بالشعر
يقطر،
مشتملاً باليفاعة
لا.. لست وحدك،
تفتتحين البياض على افق
يتراوح بين بكاءين/
خلف الجدار خطى الراحلين،
فمن سيكفكف حزن السماء ودمع القصائد
حين تغيب المليكة؟
من سيجهز للموت رقصته؟
شحت الغيمة المطرية/
والموت يجلس في حالة القرفصاء
فمن يرتدي الآن ثوب الفضيلة
في غابة الشعراء؟
ومن سيهدهد وجنة جرزيم، ينفض غربته
حين تنأى الأغاني
ويبقى على عريه اللحن متشحاً بالذهول؟
ومن سيحرر ناصية الابجدية
من صدأ الكلمات؟
الفصول تخالف ميقاتها
والطريق الذي عمدته الأناشيد بالخطو
ينسى ملامحه/
.......................
.......................
وحدك الآن
لا/
لست وحدك..
حولك اسماؤهم
وامتداد روائحهم في التراب،
واصداؤهم
فهل نسي الوجه دراقه؟
.....................
.....................
سفر مرحلي، اذاً،
ومراسم للدفن، اضرحة تستلذ بأسرارها
في عباءات جرزيم،
يفجؤها عبء نفس السؤال
- الى اين؟
يبهرها عبء نفس الجواب
- الصدى ممعن بالبياض،
فهلا نفضت عن الثوب خيط الافول
لنشرب حتى الثمالة من لذة القاع،
نهدي العصافير الوانها القزحية
نغفو على حنطة الارض سبع شموس،
نسيّج رائحة الراحلين
ونصغي لأنفاسنا في الرماد..
ونسلم راحاتنا للرذاذ الالهي
(اي رذاذ يغذي اصابعنا
ثم يثمر معجزة بعد سبع شموس، وموت؟)
نصلي لنخلتنا..
كي تدل علينا الرياح
ونبدأ من خضرة السعف:
لا موت يرخي حماقته
او جدار يضج بأقفاله،
او اعاصير تقتلع الصوت
ما من ايائل مشدودة الجيد تعبد اوجاعها..
القصيدة اوحت بمعجزة
لا قرابين فيها..
ولا زلزلة.
فمن يفتح الآن باب الصباح على الاسئلة؟
وحدك الآن
لا/
صرت ضرع البساتين
اشجارها،
وروائحها الملكية
نهر عصافيرها المترقرق،
صرت غناء الحواكير
يقطر،
حول البيوت العتيقة
لم يبتعد صوتك المشتهى عند مفترق العمر،
لم ابتعد عند حزني
ولم اتحسس حمامة عينيك، بعد،
لكنني منذ القت علي السكينة بردتها
في دوار الكتابة،
كنت وحدي في الغار
وحدي..
استضيف حقولا
وارضع من صدرك الحر شهد الحليب المقدس
يا أم..
صدرك لي وطني المعنوي..
فمن سيفجر نهر العصافير
او سيزيح الستارة عن وطن في وداعة انثى؟
............
............
وحدك الآن،
يزهو بعينيك ما تشتهيه الفراشة
من الفة الضوء
او شهوة المستحيل.
يترقرق كالجدول الفذ صوتك
يا امرأة صوتها دينها..
............
............
يجلس الموت في حالة القرفصاء
بينما..
يقف الشعر في حالة الكبرياء.
طولكرم

 

البوابة 24