رؤية فلسطينية مقدمة من الأسير الفلسطيني جميل المطور الى متحف الذاكرة الفلسطيني /
سجن بئر السبع ، قسم العزل 20\6\1999
ما أحوجنا نحن الفلسطينيون ، ولا سيما في هذه المرحلة المصيرية والحاسمة من تاريخ القضية الفلسطينية عموماً ومسيرة نضال الشعب الفلسطيني خصوصاً من تاريخنا المعاصر ، ما أحوجنا والجميع يعد العدة لولوج الألفية الثانية – هذا الولوج المثقل بالتحديات والمشكلات في شتى المجالات ، نعم ما أحوجنا ونحن نرى هذه الثورة الهائلة في وسائل الاتصالات والإعلام ، تلك الثورة التي حولت عالمنا الكبير الى مجرد قرية صغيرة بكل أحداثه وتطوراته وتفاعلاته ، ما أحوجنا ونحن نرى تجارب الشعوب الحية والفاعلة والديناميكية ماثلة أمام الأعين كيف تحفر مكانها في خريطة العالم وتكتب تاريخها بجدارة وثقة ، وتؤكد حضورها المدَوي في كل مرحلة من مراحل تطور كوكبنا الأرضي ، ما أحوجنا نحن الفلسطينيون الذين اكتوينا بنيران النسيان والتآمر والجهل وغطرسة المستعمرون ، نحن الذين حاول الآخرون منذ بدء القرن العشرين نهش تاريخنا وشطب وجودنا وتزييف هويتنا وإخراجنا من المكان والزمان على حد سواء ، وإلغائنا عبر سياسات الاقتلاع والتشريد والاستيطان من جهة واستهداف وعينا وتاريخنا من خلال ترويج الأساطير وروايات زائفة صورت شعبنا بالمجرم والإرهابي والمتخلف بل والمحتل لهذه الأرض من جانب ، ومن جانب آخر قدمت المعتدي الغاصب على انه الضحية والمشرد والباحث عن وطنه وملاذه الأمين في أرض العسل واللبن ، وكل ذلك حصل ويحصل في غفلة من الزمن وغياب الضمير الإنساني واختلال موازين القوى في منطقة صراع استراتيجية لم تعرف الاستقرار منذ القدم وتكالبت عليها العديد من القوى بأطماعها وأهدافها الاستعمارية والعدوانية بشتى المسميات والشعارات قديما وحديثاً نعم ما أحوجنا نحن الفلسطينيون الذين عمًروا هذه الأرض ، وضربوا جذورهم فيها عميقاً وتفاعلوا أفقياً وعمودياً على مر مراحل تاريخهم وارتباطهم بالأرض الفلسطينية ، وأكدوا ذاتهم ووجودهم الوطني والإنساني متسلحين بإرادة البقاء والتواجد والإبداع ، بالرغم من ضراوة الاستهداف وشراسة الحملات العدوانية والمستمرة حتى الآن .
ما أحوجنا نحن الفلسطينيون ، ونحن نقف على مفترق طرق حاسم في ظل مسيرة التسوية السياسية الجارية أو ما يعرف بعملية السلام في المنطقة ، وما تخلفه من آثار وإفرازات ومفاهيم ومعطيات لا ينبغي المرور عليها مرور الكرام أو تداولها والترويج لها دونما تمحيص أو إدراك وطني شمولي في إطار صراع المدركات والمفاهيم ، ما أحوجنا ونحن نمتلك مخزوناً هائلاً من التراث والتجربة والخبرة ونتربع على عرش التاريخ البشري على هذه البقعة الجغرافية المقدسة مهبط الأنبياء ومهوى الأفئدة ومحط أنظار العالم قديماً وحديثاً ، وبؤرة الصراع الملتهبة ولا سيما في العصر الحاضر بين وجودين يحاول كل منهما نفي الآخر وإلغائه نهائياً ، ما أحوجنا ونحن نتحفز ونتأهب لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابنا الوطني بكل ما يعنيه هذا من استنفار للذات واستنهاض للإرادة ، وتألق للوجدان والذاكرة الفلسطينية المكتظة والزاخرة بشتى الخبرات والتجارب والصور والمشاهد .نعم ما أحوجنا إلى مشروع وطني نهوضي شامل وعميق وجدي يتجاوز كل أخطاء الماضي وتجاربه المجزوءة ،ويتخطى حدود ردة الفعل إلى الفعل المخطط والشمولي بعيد المدى ، وينتقل بنا من واقع الأنشطة والمشاريع الموسمية والاستهلاكية والنفعية إلى مشروع حقيقي متكامل الأبعاد محلياً وإقليميا ودوليا ً ،وترابط الأجزاء ، ومتناسق الآليات ، ومنبثقاً من عمق فلسفة وطنية تصل الماضي بالحاضر ، وتستشرف المستقبل على نحو يؤكد ذاتنا التاريخية والسياسية وتجربتنا الإنسانية ، ويقدمنا للعالم كشعب عريق ، متحضر ، وصاحب مخزون نضالي وتراثي هائل ، مشروع يتجاوز بأفقه الرحب المفاهيم الفئوية ، والعمل الفصائلي والحزبي الضيق ، ومحدود الرؤيا والاتجاه ، مشروع يضيء فينا ومنا ، وينير لأجيالنا كل الدروب ، ويسطع ضياؤه في أرجاء المعمورة ، مشروع يستلهم حضارتنا وتراثنا وقيم شعبنا وأمتنا الأصيلة والمشرقة ، ويسهم فعلياً في تعزيز وترسيخ تلك القيم والمثل وما إلى ذلك على طريق تعميق أحلامنا وتطلعاتنا العليا في وعي ووجدان ومسلكيات أجيالنا ، مشروع يضع حداً لحالة التشظي الراهنة في الوعي الفلسطيني والتشوه المفتعل في ذاكرته ، وحالة الانفصام والاغتراب اللتان أصابتا العديد منا جراء ما يحدث حولنا وبيننا ، ويقع منا وعلينا ، مشروع يسهم جدياً في رتك نسيج خطابنا الوطني والسياسي وإعادة اللحمة إلى صورة وجودنا وتواجدنا ونضالنا وحقوقنا وتقدمها بأبهى صورة شكلاً ومضموناً تليق بشعب قدم الغالي والرخيص دفاعاً عن حقه في الحياة الحرة الكريمة ،مشروع لا يرتهن لإرادة السياسي الراهن ولا ينزوي في أحضان المطلق العبثي ، مشروع لا يقع فريسة سيف التمويل وارادة الآخرين ، مشروع يوحد ولا يفرق ، يجمع ولا يطرح ، يشكل بيتاً لكل الفلسطينيين في الوطن وفي الشتات لا يختلف أمام بوابته اثنان ، بل يتوحد تحت قبابه كل الفلسطينيون بشتى منابتهم ومذاهبهم الفكرية والسياسية ،ويشكل لهم مصدر إلهام وتأصيل وتألق حضاري ، مشروع يؤمه كل الزوار والسياح من شتى أنحاء المعمورة بحماس وتوقد شديد يعزز في نفوسهم ماهية الشعب الفلسطيني ونضاله ، وتجربته المريرة ، ويمسح كل الوقت ما ترسب في ذاكرة الآخرين من شوائب ، وتشوهات عن الحقيقة الفلسطينية الناصعة أرضاً وشعباً ،وتاريخاً ، وحضورا ًومعاناة . مشروع لا يقدمنا إلى العالم كضحية فحسب في صورة المستجدي لإحسان وعطف الآخرين ليس إلا ، بل كضحية قادرة أيضا على إثبات ذاتها وحضورها وتطوير وجودها والمساهمة في إغناء التجربة الإنسانية ، والسمو على جراحاتها ، وبلسم جراح الآخرين ، إذ ليس قدرنا أن نكون ونلعب دور الضحية الى ما لا نهاية في هذا الصراع الدامي ، وانه آن الأوان لهذه الضحية أن تقف على قدميها بكل ثقة وإيمان وعنفوان بالرغم من كل الجراح البليغة ، والدمار الهائل .
مشروع يرمم به الفلسطينيون ذاكرتهم عملاً لا قولاً ويستعيدون به ومن خلاله هويتهم ، ويطلعون على تاريخهم وذاتهم على نحو يبعث فيهم الفخر ويعزز الانتماء والانسجام مع ذاتهم ، والإحساس الحقيقي بان لدينا وفينا الكثير ما يستحق الانتماء والتضحية ، مشروع تنتعش به روحنا الوطنية وحضورنا الإنساني ، وتزهو به النفس بعدما أصابها الغم والهم ، مشروع يتسم بشمولية التخطيط والرؤيا والأداء ، ذلك أن متحف الذاكرة الفلسطينية المنشود ينبغي أن يتسع فعلاً للذاكرة نفسها من تاريخ ، وملاحم بطولية ، وروايات وقصص شعبية ، وتراث شعبي ، وأدوات ونماذج ، ووقائع مكتوبة ، مرئية ، مسموعة ، أحداث بعيدة وقريبة ، معاركنا ومحطات الصراع ، شهدائنا ، أسرانا ، جرحانا ، مبعدينا ، زنازين التحقيق ، تجارب الاعتقال ، الحركة الأسيرة ، المجازر ، آثار الاحتلال وجرائمه ، عمليات التهويد ، مصادرة الأراضي ، عمليات الطرد ، مخيمات اللاجئين ، الأسلاك الشائكة ، حقول الألغام ، معسكرات الثورة ، قبور الشهداء ، الاغتيالات ، الكتاب ، الأدباء ، الفنانون ، المسرحيون ، الزجالون ، الزي الشعبي ، المأكولات الشعبية ، النكت الفلسطينية ، غناء الأفراح وترانيم الأتراح ، مضافاً الى ذلك نصوصاً شاملة من ماضينا البعيد والوسيط والحاضر ، من رواياتنا التاريخية والواقعية والتراثية عن انفسنا ووجودنا ، ويا حبذا لو يتسع متحف الذاكرة لمحطات بارزة في كافة مراحل صراعنا ووجودنا على هذه الأرض ، ففلسطين كلها عبر التاريخ متحف كبير بذاتها ، ولا مبرر لإقتصار المتحف على أحداث القرن العشرين لأن محتوى الذاكرة متصل يصعب تقسيمه زمنياً بسكين فاصل ، وهي متداخلة الأجزاء والصور ، ومن الصعب كذلك تغييب مراحل ما قبل القرن التاسع عشر لأنها مسكونه بروحنا الجماعية وحضارتنا العريقة ونحن مسكونون فيها ، وهي عمقنا الذي نستمد منه نسخ حياتنا . إن مشروعاً كهذا ينبغي أن يتكامل وظيفياً وبنيوياً ، تربوياً واعلامياً مع الجهد الوطني الجماعي وينسجم مع الحالة الوطنية العامة بكل مركباتها وعناصرها ، وذلك على الصعيد الفلسطيني ، ويتكامل مع العمق والمستوى الحضاري لأمتنا العربية والإسلامية أيضاً ، بل ويتناغم مع محيطه الإنساني الأرحب ، وإنني أرى في هذا المقام القيام بالآتي إذا ما قدر لهذا المتحف أن يولد ويرى النور :
1. فلسفة المسمى والمشروع / إعداد وبلورة فلسفة هذا المشروع من وحي المقدمة سالفة الذكر عبر صياغة نموذجية تتضمن التعريف بالمتحف وأهدافه ، ووسائل عرضه وما الى ذلك ، وان يصار الى اخذ اكبر عدد ممكن من فعاليات وشخصيات شعبنا الوطنية والاجتماعية والسياسية والدينية وغيرها بحيث تعكس الفلسفة التوافق والانسجام الى حد الإجماع لتشكيل ذهنية جماعية لا خلاف حولها ، ويمكن عقد مؤتمر وطني شعبي واسع النطاق لإجراء نقاش وإقرار وإعلان فكرة المشروع .
2. المبنى / ليس المبنى والموقع بمعزل عن المعنى والمضامين التي سينشأ لأجلها ، والحقيقة أن المكان الطبيعي والمشروع لإقامة المتحف هو مدينة القدس وان تعذر ذلك بسبب إملاءات السياسة يمكن إيجاد البديل المؤقت في إحدى ضواحي أو قرى القدس العربية ولا سيما ذات المزايا الحضارية والأثرية والقابلة لإستيعاب افواج الزائرين والسياح وان تعذر ذلك يمكن إقامته في إحدى المواقع المناسبة في الضفة الغربية الأكثر عراقة وأقدمية في التاريخ ولا سيما تلك التي بها شواهد بارزة لحضارتنا الكنعانية ومن ثم العربية والإسلامية والمسيحية، بحيث يقام المتحف في قلب متحف اكبر من تلك المواقع الكبيرة والعديدة في وطننا العزيز ، وأما الشكل الهندسي للمتحف وأقسامه وأجنحته فهذا ما ينبغي تركيز الجهد عليه من خلال طاقم هندسي متخصص واستخلاص العبر والدروس من تجارب المتاحف الأخرى في العالم بحيث يكون البناء اكثر ابداعاً وتخصصاً وشمولية وحداثة وعراقة معاً بما يضمن إستيعاب كل خصائص ومتعلقات الفكرة ومظاهر تطبيقها بشتى الأشكال والصور ، ولا بد من مراعاة التخصص المناسب فعلاً بحسب التسلسل الآتي /
أ- جناح تاريخ فلسطين عبر العصور بدءاً بالقديمة ثم الوسطى ، بكافة الأشكال والنماذج والأدوات والرسومات .
ب- جناح تاريخ فلسطين الحديث وهو الأكثر تفصيلاً وعرضاً بحجم المأساة التي حلت بالفلسطينيين .
ج- جناح جغرافية فلسطين / موقعها ، إقتصادياتها ، معالمها ، خصائصها …………الخ
ت- جناح التراث الفلسطيني بشتى ألوانه وأشكاله بحيث يكون الجناح كبيراً ومقسماً الى فروع متخصصة في عرض وإبراز مختلف مظاهر وأدوات وأشكال التراث …الخ
ه- جناح تاريخ الصراع العربي / الصهيوني منذ أوائل هذا القرن .
و. جناح الهبَات والانتفاضات والثورات التي فجرها الفلسطينيون في التاريخ المعاصر وإبراز نماذج البطولة وما الى ذلك .
ز. أجنحة فرعية تتحدث عن المجازر ، تشريد اللاجئين ، مصادرة الأراضي ، الاغتيالات ، الشهداء ، الطرد ، السجون ، الزنازين ، التحقيق ، العملاء ، المستوطنات ، المستوطنين ، سلب المياه ، القمع ، الأسلحة القمعية ، المعابر ، الحواجز ……..الخ
3. نماذج وأشكال مجسمة / حيث يمكن إبراز العديد من مكونات المتحف ، من خلال تصميم النماذج الحية مثل / قبر كنعاني بداخله ملك كنعاني مع سلاحه القديم ، مذبح أو مكان عبادة كنعاني قديم ، أعمدة كنعانية ، قبر عربي إسلامي او مسيحي ، مسجد ، كنيسة ، نبع أو عين ماء ، قنوات مائية ، طاحونة ، معصرة ، نموذج سفينة تحمل لاجئين أو جسر الأردن معبر التهجير ، نموذج مجزرة ، نموذج دبابة إسرائيلية تقصف وتقتل ، نماذج من وحي الانتفاضة ، نموذج زنزانة بها أسير ، أسرى مكبلون بالقيود ، أسرى يضربون عن الطعام ، عربة بوسطه لنقل الأسرى ، خيمة لاجئ ، شجرة مقتلعة ، معسكر ثوار وما الى ذلك .
4. السجلات والكشوف / يتعين تثبيت قوائم رسمية ودقيقة كشكل من أشكال التأريخ والتذكير بعدة فئات وقطاعات متميزة من الديموغرافيا الفلسطينية ولذلك ما الذي يمنع من تثبيت لوحات كبيرة سواء ثابتة أو متحركة تشمل أسماء كافة اللاجئين الفلسطينيين والنازحين والمبعدين والشهداء والمفقودين والأسرى والجرحى ، وليكن شعار كل لوحة مختصة بهذه الفئة أو تلك كما يلي : ( لكل فلسطيني اسم : ( أسماء لاجئي الشعب الفلسطيني ) ، ( لكل شهيد اسم : ) وهكذا ، وهذا يتطلب جهداً مكثفاً لإنجاز قوائم شاملة ودقيقة وخاصة أنها تمتد زمنياً الى عام 1917 ، ويمكن تثبيت عشرات الصور الحيه واللوحات المعبرة عن تلك الفئة مثلاً كجزء من الوسائل المرئية في أجنحة المتحف ، وان أمكن كتابة سطر واحد بجوار كل اسم كمكان السكن ، تاريخ الميلاد: ….. الخ
5. سجلات ولوحات بأبرز زعماء وقادة ورموز شعبنا الوطنية ، الأدبية ، السياسية ، الفكرية ، الدينية ...الخ على مر العصور ، بحيث يتم كتابة نبذة مختصرة عن حياة كل شخصية مصورة له إن وجدت .
6. جناح المرأة الفلسطينية ، وهذا الجناح لا بد من أن يتضمن مسيرة وتطور حياة المرأة الفلسطينية ومجالات عملها ونضالها جنباً الى جنب الرجل ، وتسليط الأضواء على كفاح المرأة ومشاركتها الفعلية في المقاومة والنضال منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن .
7. توثيق وكتابة وعرض نشأة وسيرة المؤسسات والهيئات والأجهزة واللجان الفلسطينية بشتى المجالات سواء من انتهى أو ما زال قائماً للآن كجزء من حياة شعب فلسطين .
8. تسجيلات حيه بالصورة والصوت وذلك بإجراء العديد من المقابلات المصورة مع عدد من شهود العصر من شعبنا ولنضرب أمثلة على ذلك / مقابلة مع كهل أو شيخ فلسطيني نجا من مجزرة دير ياسين ، مقابلة مع أحد شهود إضراب عام 36 وعاش فعالياته ، مقابلة مع أحد مشردي شعبنا عام 48 ، مقابلة مع والدة شهيد ، مقابلة مع والدة أسير ، مقابلة مع جريح أو معاق جراء الإرهاب الإسرائيلي ، مقابلة مع صاحب بيت تم هدمه ، مقابلة مع صاحب أرض تمت مصادرتها أو اقتلاع أشجارها ……. وهكذا .
9. توثيق أبرز الإنجازات التي حققها الفلسطينيون في شتى المجالات وأبدعوا فيها عبر مسيرة الأدب والفكر والفن وما شابه داخل الوطن أو خارجه .
10. تسليط الأضواء بالصورة والصوت والتعليق على حياة اللاجئين كما هي في المجتمعات عبر كافة مراحلها .
11. المخطوطات والوثائق الفلسطينية غاية في الأهمية وجزء حيوي وأصيل من الوحدات والذاكرة الفلسطينية ، وهنا لا بد من جمع كافة هذه المواد التاريخية منها والسياسية وغيرها وحفظها ولتكن متسلسلة زمنياً بما يتناسب وتطور القضية الفلسطينية .
12. تطور الزراعة والفلاحة والصناعة في فلسطين ، بحيث يخصص جناح لذلك تشمل النشأة والتفاعل . هذا وقد يطول الحديث إذا ما أردنا الدخول في التفاصيل والآليات وطرائق التصنيف والعرض وما الى هناك ، ولكن ينبغي أن يتذكر الجميع بان الحديث عن متحف لذاكرة يعني فيما يعنيه قرية فلسطينية ، إذ ليس من المعقول تكرار تجارب سابقة جزئية أو ارتجالية ولا ترتقي الى مستوى الفكرة أو الهدف أو القضية بوجه عام . وقبل أن نفترق لا بد من الإشارة بصورة جلية الى مسألتين هامتين لدى تخطيط وتنفيذ هذا المشروع أولاهما : هي أهمية الاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى في هذا المجال دون النسخ التقليدي أو المحاكاة العمياء وضرورة الإبداع في إنجاز الفكرة ، وثانيهما : هي السعي بشتى الصور لإشراك كافة فعاليات وقطاعات وشرائح شعبنا المختلفة في كافة مراحل إعداد وتنفيذ هذا المشروع من خلال آلية إدارية تضمن المساهمة والمشاركة وان لا يكون التخطيط والمتابعة سواء نظرياً أو عملياً مقصوراً على فئة محددة بعيدة عن الواقع والحياة الفلسطينية أو تعيش في أبراج عاجيه خارج الوطن دون أن أقلل من أهمية ودور كافة المثقفين والأكاديميين والشخصيات الفلسطينية المؤثرة والمتواجدة في المنافي البعيدة ، وضرورة إشراك أبناء شعبنا في الدول المحيطة وفي الدول الغربية في هذا المشروع ، فذاكرة ومعاناة وقصة شعبنا تمتد من أقصى نقطة في هذا الوطن الى أقصى نقطة في هذا العالم الرحب . ومن هنا لا بد من وجود جسم إداري فاعل ومخلص من أبناء فلسطين وخارجها ومجلس أمناء يحظى بثقة واحترام شعبنا عموماً ، وانتهاج خطط إدارية ومالية شفافة تخضع لمبادئ الديمقراطية ، المسائلة والرقابة والقيادة الجماعية . بحيث تكون هذه المؤسسة رمزاً وطنياً من رموز الدولة والسيادة ، وصرحاً شامخاً ومظلة يستظل بها كل الفلسطينيون في أوقات المحن والرخاء .
ختاماً ، فأنني أتوجه بالتحية والتقدير لكل من يفكر أو يبادر أو يسعى باتجاه هذه الفكرة ويسعى في سبيل إنجازها ، وأدعو للجميع بالنجاح والتوفيق آملاً أن يرى الكل الوطني والعربي والدولي هذا الصرح حقيقة واقعة . ومعاً حتى الحرية
مع فائق التحية والتقدير
20/6/1999
الأسير جميل المطور / عزل سجن بئر السبع
قسم هكيدار
البوابة 24