السر السوفياتي الكبير في حرب 67

بقلم:محمد جهاد إسماعيل

لم تكن سفينة يو إس إس ليبرتي – التابعة للبحرية الأميركية – هي الوحيدة التي هاجمتها إسرائيل في حرب حزيران 1967، بل تعرضت البحرية السوفياتية أيضاً، لهجومٍ مشابه، من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي.
نشرت إحدى الصحف العسكرية البيلاروسية بتاريخ 22 أيار 2003 شهادة فريدة للضابط فيكتور شيفيشنكو، تحدث فيها عن مشاركته ضمن القطعات البحرية السوفياتية في حرب 1967. قال شيفيشنكو إنه كان متواجداً، وقت اندلاع الحرب، رفقة المئات من مشاة البحرية السوفياتية، على متن سفينة الإنزال كريمسكي كومسوموليتس (بالقرب من بورسعيد)، وإنه غادر السفينة في 8 حزيران 1967 رفقه العشرات من زملائه، بغية القيام بمهمة خاصة، وهي الإنزال على الضفة الشمالية الشرقية لقناة السويس. يقول شيفيشنكو إنهم لم ينجحوا في إتمام عملية الإنزال، فقد تعرضوا لغارة إسرائيلية ماحقة أوقعت فيهم 17 قتيلاً و34 جريحاً، وكان هو أحد الجرحى.

يؤكد شيفيشنكو بشهادته هذه على وجود دور قتالي للسوفييت في حرب 1967، وبالتالي فإن دعمهم لمصر لم يقف عند حد التسليح والتدريب والمستشارين العسكريين. ويؤكد أيضاً، أن ما ارتكبه الطيران الحربي الإسرائيلي في حق مشاة البحرية السوفياتية كان مجزرة مروعة بكل المقاييس. فعدد القتلى في هذه المجزرة وحدها، يساوي نصف إجمالي القتلى السوفيات في حرب 1967، وهم 35 قتيلاً بحسب المصادر الرسمية السوفياتية.

قامت الصحيفة البيلاروسية بحذف شهادة شيفيشنكو عن موقعها الإلكتروني، بمجرد تلقيها رسالة من الباحثين الإسرائيليين إيزابيلا غينور وجدعون ريمز، يطالبان فيها بالحصول على وسيلة تواصل مع شيفيشنكو، حتى يتسنى لهما الترتيب لمقابلة معه، لأجل الحصول منه على تفاصيل أوفى حول شهادته الفريدة.

لم تتعاون الصحيفة البيلاروسية مع غينور وريمز، وبالتالي لم يتمكنا من الوصول إلى شيفيشنكو، إلا أنهما كتبا عن شهادته بشكلٍ مقتضب، وذلك في كتابهما المشترك (الحرب السوفياتية الإسرائيلية) ص23، وكتابهما المشترك الآخر (الثعالب الطائرة فوق ديمونا) ص176 .

ما نشرته الصحيفة البيلاروسية وما كتبه الباحثان الإسرائيليان لا يكشف إلا النزر القليل من تفاصيل الحادثة التي تحدث عنها شيفيشنكو. فالموضوع لا زال يأخذ طابع السرية لغاية الآن، ولعل الروس، أو روسيا (وريثة الاتحاد السوفياتي الكبرى) ترفض نزع غطاء السرية عن تفاصيل هذا الموضوع، حفاظاً على الكبرياء والسمعة.

في حرب 1967 هزمت إسرائيل العرب مجتمعين، في ستة أيام، ووجهت ضربات موجعة للولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فقد سقت طاقم سفينة يو إس إس ليبرتي وطاقم سفينة كريمسكي كومسوموليتس من كأس واحدة، هي كأس القتل الصهيوني. في تلك الحرب العجيبة، لم تقتل إسرائيل العرب وحدهم، بل قتلت معهم الأميركان والسوفيات وغيرهم!. ألهذه الدرجة كانت إسرائيل عاتية مُتحدية وكما تدعي (جيشها لا يُقهر)؟!.
كاتب فلسطيني

البوابة 24