البوابة 24

البوابة 24

مقطع من قصة صغيرة بعنوان : الرجل الذي أكرهه.

محمد جبر الريفي

# مقطع من قصة قصيرة بعنوان ( الرجل الذي اكرهه) جاءت في مجموعتي القصصية الثانية (امرأة تعانق الريح ) الصادرة في عام 98 من القرن الماضي. ...

*كانت الساعة تقترب من الثالثة بعد الظهر حين وصلت إلى مدينة غزة ،كنت واثقا أنني سأعود يوما إلى البيت وسارى امي بقامتها الطويلة وقد ارتدت ثوبها الغزي الأسود عند عتبة البيت في انتظاري ؛هاهو مفتاح الغرفة الذي احتفظت به في حقيبتي منذ عام 67 ،ساتمكن النوم علي سريري بعد عناء السفر وسانعم برؤية صوري الجميلة التي استحوذت على مشاعري في ذلك الزمن ..أما ثيابي القديمة التي ضاقت الآن فبإمكاني أن أراها بعد ثلاثين عاما من الغربة ..أخذت اشحن ذهني لاتذكر أكثر . .عندما علم أطفال الحارة بقدومي تراكضوا نحو سيارة الأجرة كالعصافير. ...هناك في مكان البيت شاهدت كومة كبيرة من التراب والأحجار ..طائر حزين هارب يركن إلى حجر ناء بعيد يرفع رأسه حين يراني :أيها الطائر الحزين الملون ريشه بألوان أرض الوطن أين امي ؟؟اتوسل إليك يا من تملك الحقيقة المرة أن تدلني على مكان امي ؟ ....أرى الطائر الحزين يقفز بساقين ضعيفين من الجوع ،لقد بلغ منه الضعف كل مبلغ فلم يعد يشعر بطعم الحرية ،لقد طار محلقا صوب الخلاء فاطير وراءه ثم احط بين مقابر الأموات على حجارة من الرخام بيضاء ،باقة من الزهور ذابلة وشاهد القبر وكلمات سوداء باسم امي محفورة اعلاه ،عندها في تلك اللحظة دفنت وجهي بين راحتي كانت عيناي الملتهبتان من عناء السفر والسهر تذرفان بالدموع ..أما فمي فقد اطبق تحت شاربين كثيفين دون أن ينبس بأي كلمة ...في تلك اللحظة من الحزن الشديد الذي يعتصرني كنت انحو باللائمة على الرجل الذي أكرهه واتخيل امي واقفة هناك عند عتبة البيت تنتظر قدومي، بقامتها الطويلة كالنخلة وصوتها الرفيع الممدود الذي ينادي باسمي ... ،

البوابة 24