البوابة 24

البوابة 24

بَهلُولُ وَالرّشِيد

د.عزالدّين أبوميزر

بَهلُولُ أبُو وَهَبَ الكُوفيُّ

حَكِيمًا قَد كَانَ وَشَاعِرْ

يَعِظُ الخُلَفَاء َ بِحكمَتِهِ

وَبِظُرفٍ مُبتَدَع مَاكِرْ

وَيُحِبّ الصّدقَ لِذَاكَ تَرَاهُ

نَقِيَّ البَاطِنِ وَالظّاهِرْ

وَبَعِيدَ النّظَر وَمُمتَدًا

كَمُحِيطٍ بِالحِكمَةِ زَاخِرْ

وَبِيَومٍ نَظَرَ إلَى هَارُونَ

فإذْ هُوُ مَهمُومٌ حَائِرْ

فِي امْرَأةٍ أسَرَت سَيّدَهَا

بِالحِكمَةِ وَجَمَالٍ بَاهِرْ

وَلَهَا يَحسِبُ ألفَ حِسَابٍ

وُهُوَ المُحتَسِبُ الصّابِرْ

حَتّى قَد أصبَحَ يَخشَاهَا

فِي زَمَنٍ يَمتَلِىءُ مَخَاطِرْ

وَهُوَ عَمِيدُ الجَيشِ لَدَيهِ

السّنَدُ الأوّلُ وَالآخِرْ

وَرآهَا نُقطَةَ ضَعفٍ فِيهِ

وَيَخشَى بِالجَيشِ يُغَامِرْ

وَأسَرَ إلَى البَهلُولِ الأمْرَ

بِقَلبٍ لِلخِيَرَةِ نَاظِرْ

وَبِهِ يَثِقُ فَقَالَ لَهُ

هَل أنتَ عَلَى شَرطِي قَادِرْ

فَأجَابَ بَلَى وَعَلَى القُرآنِ

وَلَستُ بِمَا أُقسِمُ غَادِرْ

شَرطِي أنْ أصبِحَ سُلطَانًا

مِن غَيرِ عَسَاكِرَ وَمَخَافِرْ

ولِيَومٍ فِيهِ الصّدقُ يَكُونُ

الحَكَمَ الحَاكِمَ والزّاجِرْ

لَا أحَدٌ يَعلَمُ هَذَا السّرّ

سِوَانَا بَادٍ أوٌ حَاضِرْ

فَأجَابَ قَبِلتُ الشّرطَ عَلَى

أنْ تَعدِلَ فِي الحُكمِ فَحَاذِرْ

قَبلَ المَوعِدِ عَادَ إلَيْهِ

يَسُوقُ حَمِيرًا لَيسَ عَسَاكِرْ

هَارُونُ انبَهَرَ بِهَذَا العَدَدٍ

وَقَالَ ظَلَمتَ وَإنّكَ جَائِرْ

فَأجَابَ بِصِدقٍ حُزتُ عَلَيهَا

لَستُ وَأيْمُ اللهِ أُكَابِرْ

مَنْ أبدَى خَوفًا مِن زَوجَتِهِ

وَأنَا مَعَه أتَحَاوَرْ

فَأتَاوَتُهُ دَفعُ حِمَارٍ

عَلَنًا وَبِشَكلٍ سَافِرْ

مِن هَذَا دَعكَ وَأَصغِ لِمَا

قَد يُوقِدُ فِي القَلبِ مَجَامِرْ

وَيُعِيدُ شَبَابَكَ يَامَولَايَ

وَتَبقَى فِي حُبٍ غَامِرْ

صَادَفتُ فَتَاةً فِي يَومِي

سُبحَانَ مُصوّرِهَا القَادِرْ

آهٍ لَوْ تُبصِرُ صُورَتَهَا

تَلَألَأُ كَالقَمَرِ الزّاهِرْ

لَا تَصلُحُ إلّا لَكَ زَوجًا

وَلٍخِطبَتِهَا خِفَّ وَبَادِرْ

قَالَ اخفِض صَوتَكَ يَا هَذَا

وَبِهَمسٍ فِي أذُنِي سَارِرْ

فَأخَافُ زُبَيدَةُ تَسمَعُنَا

فَلِأُذُنَيهَا ألفُ مُخَابِرْ

فَأجَابَ رُوَيدَك يَا مَولَايَ

وَأنتَ النّاهِي وَالآمِرْ

مَا أكمَلتُ نَهارِي بَعدُ

لَدَي دَقَائِقُ وَأُغَادِرْ

وَأتَاوَتُكَ ثَلَاثُ حَمِيرٍ

تُدفَعُ عَن طِيبَةِ خَاطِرْ

حَتّى أنتَ تَخَافُ زُبَيدَةَ

وَعَلى وَجهِكَ ذَلِكَ ظَاهِرْ

فَمَعَ الحُبّ الخِشيَةُ تَجمَعُ

وَهِيَ بِنظَرِي رُقيَةُ سَاحِرْ

البوابة 24