بقلم: جلال نشوان
(معسكر السلام الصهيوني الذي لفظ أنفاسه الأخيرة ) لم يعتقد أحداً ، أن معسكر السلام في دولة الإحتلال، يمكن أن يصل إلى الحكم في يوم ما، أو يكون هو من يصنع السلام ، فالخريطة السياسية في دولة الاحتلال، كانت دائماً واضحة في الذهن، وموازين القوى السياسية لم يكن فيها، وليس فيها الآن، ولن يحكم دولة الإحتلال في الحاضر والمستقبل وهنا يداهمنا السؤال الأكثر أهمية: كيف نشأ هذا المعسكر؟ وفي الحقيقة تكون هذا المعسكر من حزب ميرتس وبعض الأحزاب الصغيرة وثلة من الشخصيات العربية الذين آمنوا بالسلام والتعايش وميرتس حزب يساري إسرائيلي يهودي عربي، اجتماعي ديمقراطي، حيث أقيمت حركة ميرتس في عام 1992 من خلال الدمج بين أحزاب راتس ومبام وجزء من شينوي (التغير) برئاسة أمنون روبنشتاين. و مع مرور السنوات انضمت حركة شاحار (حركة يوسي بيلين) والحركة الجديدة ، التي أقيمت قبيل الانتخابات للكنيست الثامنة عشرة. بلغ الحزب أوجه في الكنيست الثالثة عشرة، عندما حصد 12 مقعدًا. أما في الكنيست الثامنة عشرة فقد حصل الحزب على 3 مقاعد فقط. تترأس الحزب في الوقت الحالي السيدة زهافا غالؤون، ويعرف الحزب نفسه على أنه حزب يساري صهيوني يهودي عربي اجتماعي ديموقراطي سلمي، ويسعى للسلام من خلال تسوية تعتمد على العودة إلى حدود الخط الأخضر، وتعزيز المساواة الاجتماعية والاقتصادية من خلال دعم الطبقات الضعيفة. يعارض الحزب الإكراه الديني، ويسعى كحزب أخضر لانتهاج سياسة صديقة للبيئة. للحزب عضوية في الاشتراكية الدولية، ويحظى بصفة مراقب في حزب الاشتراكيين الأوربيين الذي يعمل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع حزب العمل الموجود أيضًا في نفس المكانة في هذه المنظمات. إضافة لذلك، يتمتع الحزب بعضوية في المنظمة الصهيونية العالمية وله قائمة في نقابة العمال والقرائن التي لاحت في الأفق السياسي خلال الأيام الأخيرة تستدعي السؤال هل. لفظ معسكر السلام أنفاسه الأخيرة؟ وأعلن قراء المشهد أنه قد قضى نحبه. وإذا كان مثل هذا الجزم ينطوي على مقدار كبير من المبالغة، فمن المؤكد أن معسكر السلام قد فقد، نتيجة ما طرأ عليه في متغيرات سياسية داخل دولة الإحتلال وخارجها وقد انعكس هذا بالضرورة على موازين القوى السياسية في دولة الاحتلال، وجعل إمكان التوصل إلى حل سلمي للنزاع الفلسطيني / الصهيوني، وفي الحقيقة: إن وجود معسكر للسلام في دولة الاحتلال، وازدهاره، يمثل قوة سياسية فاعلة للوقوف أمام القوي المتطرفة لكبح أعمالها الاجرامية . لقد بات واضحاً منذ فترة طويلة أن القوى المتطرفة التي تحكم دولة الإحتلال، والتي يترسخ حكمها يوماً بعد يوم، لا تنوي التحرك نحو السلام، وأن الوسيلة الوحيدة لإرغامها على ذلك هي ضغوط خارجية وداخلية قوية بما فيه الكفاية لإحداث التأثير المطلوب. ومعسكر سلام قوي في يمكن أن يشكل ضغطاً ذا وزن في هذا الاتجاه. ، وخصوصاً في الأراضي المحتلة، إلى معسكر السلام الصهيوني بإيجابية، وأنشأت معه صلات جرى في إطارها تبادل الآراء والقيام بنشاطات مشتركة معينة. وقد على إقامة مثل هذه الصلات نضالات هذا المعسكر ضد سياسات الحكومة التوسعية والاستيطانية، وضد ممارسات الجيش والمستوطنين القمعية والإجرامية في الأراضي المحتلة، وأيضاً مطالبته بإنهاء احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، ومناداته بالتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين على أساس الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني إن نظرة متأنية على الخريطة السياسية في دولة الاحتلال، سيجد ان اليمين الصهيوني و منذ فترة طويلة يحتل الأكثرية في الكنيست، فضلاً عن أن ما يسمى بـ معسكر قوى الوسط اليسار لا يتبنى طروحات بعيدة جداً عن طروحات هذا اليمين، ولا سيما في ما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية، وفي سائر مفاصل السياسة الخارجية الإقليمية والعالمية. وثمة من يعتقد أن احتلال اليمين الأكثرية في الكنيست أصبحت صيرورة ووصلت إلى نقطة اللاعودة، وذلك لأسباب شتى قد تكون أبرزها التركيبة الديمغرافية للمجتمع الصهيوني التي تشير كل التوقعات بشأنها إلى استمرار ارتفاع نسبة اليهود الحريديم لقد اتجه التيار الصهيوني الديني مدفوعاً بإيمانه الشديد بعقيدة دولة الإحتلال الكبرى وبولائه لـ توراة دولة الإحتلال ولا سيما في أعقاب صعود قيادات جديدة شابة إلى زعامته وزعامة حزبه (المفدال) تنتمي في غالبيتها إلى غلاة محافل المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة وغني عن التعريف ، فقد شهد التيار الصهيوني الديني الذي يتبعه معظم المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عدة انشقاقات على خلفية أيديولوجية. غير أن الصراع داخل هذا التيار، ورغم انسحاب حزبه (المفدال) من حكومة أريئيل شارون عقب إقرارها لخطة الانفصال الأحادية الجانب عن قطاع غزة، استمر شديدا تحت السطح تارة وفوقه تارة أخرى، بين جناحين رئيسيين الجناح السياسي البراغماتي والجناح السياسي العقائدي المتطرف المسياني والذي رجحت كفته في نهاية المطاف في زعامة حزب المفدال. ومن الأهمية بمكان نقول : أن الاستيطان اليهودي و الهجرة إلى فلسطين المحتلة كان بمثابة فريضة على جميع اليهود في العالم و أن الصهيونية جزء من خطة إلهية موجهة من أعلى، بالرغم أن من يقودونها هم علمانيون. العقائد التوراتية التي كتبها الحاخامات بأيديهم والتي لا يمكن فهمها وتفسيرها إلا بصفة كونها امتدادا للسياسة وقد عرف السياسيون دائما كيف يوظفون هذه العقائد بما يخدم مآربهم ومقاصدهم وغاياتهم السياسية. إنها: تجاعيد السياسة الصهيونية القذرة ، فهذا ديدنهم والإرهاب متأصل في فسيولوجيتهم والقتل والإجرام من طبائعهم والسلام غير موجود في أجندتهم ومعسكر السلام قضى نحبه وتحولت دولة الإحتلال إلى دولة فاشية ارهابية بامتياز.