البوابة 24

البوابة 24

رواية "طيور المساء" سيرة شعب يريد الحياة

بقلم ديمة جمعة السمان

رواية "طيور المساء" سيرة شعب يريد الحياة "طيور المساء" رواية للكاتبة الفلسطينية الجليلية من مجد الكروم أسمهان خلايلة. صدرت الرواية التي تقع في 159 صفحة من القطع المتوسط، وصمم غلافها الفنان مبدّا ياسين عن دار الهدى للطباعة والنشر كريم 2001م.ض.

في كفر قرع عام 2021. مجزرة كفر قاسم التي سقط فيه 49 شهيدا بأيادي الغدر والإجرام الصهيوني غداة 29 تشرين 1956، تطلعنا على أحداثها الكاتبة خلايلة، على لسان شهود عيان، كتب الله لهم العمر ليرووا أدق التفاصيل والمشاهد الموجعة التي شاهدوها بأم أعينهم، وعاشوا رعب اللحظات التي تم فيها اغتيال أرواح بريئة مسالمة، كانوا يركضون خلف لقمة العيش. جريمة تؤكد أن الاحتلال الصهيوني ما هو سوى دراكولا، يهتك الأعراض ويقتل الأرواح لينفذ مخططاته الاحتلالية دون أي وازع من ضمير.

وفقت الكاتبة باختيار أسلوب الرواية، فلم يكن تقليديا، وعلى الرغم من أن أحداثها كانت تتأرجح بين زمنين، أحدهما كان عام 1956 عام المجزرة، جاء بأسلوب الاسترجاع على لسان شخوص الرواية، الذين كانوا شهود عيان وعلى علاقة وثيقة مع ضحايا المجزرة، يروون الأحداث في السبعينات من القرن الماضي، وهم يعيشون قهر استغلال الاحتلال لهم، وتحويلهم إلى عبيد في أراضيهم التي صودرت ولا حول لهم ولا قوة، وتدخّلهم بشؤونهم الحياتية والاجتماعية والتعليمية، إذ كان الاحتلال يتصدى للمدرس الوطني، ويعزز التّابع لهم ولأنظمتهم التجهيلية إلخ من أمور حياتية أخرى، تعمل على إذلالهم وتزيد من مآسيهم.. وعلى الرغم من كل هذا التأرجح والانتقال من حدث إلى آخر.. ومن زمن إلى آخر إلا أن الرواية لم تفتقر إلى عنصر التشويق، بل استطاعت الكاتبة أن تربط خيوط الأحداث بطريقة ذكية حاكت من خلالها رواية محكمة متماسكة، قدمت من خلالها بعض التفاصيل التي غابت عن البعض، وأحيت الذاكرة عند البعض الآخر.

رواية وثقت لحظات يندى لها جبين الإنسانية، 49 شهيد سقطوا في مجزرة، تم اختيار تاريخها بعناية، قاصدون إخفاءها، إذ استغل الاحتلال توقيت العدوان الثلاثي على مصر، وانشغال العالم بهذا الحدث الكبير، ليمرروا جريمتهم تحت ذرائع مختلفة عنوانها أمن إسرائيل، بينما كان خطتهم تهجير أهل القرية، لكي يثبتوا روايتهم الصهيوتية، بأن فلسطين أرض بلا شعب.

وثقت الكاتبة التراث الفلسطيني من خلال الأمثال الشعبية والأغاني التراثيّة الأصيلة، في كل مناسبة، فأغنت العمل الروائي، وزادت من جماليته. لفتني في الرواية اختيار الشخوص، ووصفهم الدقيق ليومياتهم وعلاقاتهم كأناس بسطاء يبحثون عن أرزاقهم، مما خدم أهداف الرواية، وأنسن قضية فلسطين العادلة. أعجبني قلم الكاتبة الجميل، فقد كانت اللغة بسيطة غير معقدة، بدت طبيعية بعيدة كل البعد عن التكلف، وخدمت أهداف الرواية، إلا أنّني أعتقد أن استعمال اللهجة العامية لن يكون في صالح انتشارها في العالم العربي، إذ أنها لن تكون مفهومة لأشقائنا العرب.

كنت أتمنى لو أنّه تمّت مراجعة الرواية قبل نشرها؛ لتجنب الأخطاء المطبعية واللغوية، التي لم تكن في صالحها. التركيز على التعايش الفلسطيني الإسرائيلي لم يكن موفقا، بل بدا دخيلا لا يخضع للمنطق.. فهل ممكن أن يعيش الحمل والذئب تحت سقف واحد؟ أمّا الأجمل في الرواية كانت فكرة العرس الجماعي لتسعة وأربعين زوجا، وهو عدد شهداء المجزرة.

كانت رسالة قوية مفادها أن الشعب الفلسطيني لا يهزم، لأنه يحب الحياة ويبحث عن الفرح في كل مكان وزمان، رغم كل مآسيه وأوجاعه. أقترح ترجمة الرواية لكي يطلع العالم على تفاصيل واقعنا المرير، ويفضح الاحتلال ويعرّيه.

10-5-2023 .

البوابة 24