نحن باحسن الاحوال يا وطني

 بقلم:- منى الفارس

نحن بأحسن الاحوال يا وطني. استيقظ يوميا وانا فرحة ان الشهر قد نقصَ يوماً ليقترب موعد الراتب. اجهز نفسي للذهاب للعمل الذي اتقاضى عليه ٨٠ او ٨٥/ . لا يهمني ذلك ولن يزعزع مني الانتماء ولن يقلل من عشقي للوطن. اردد وانا أسير في مركبتي في شارع الإرسال المزدحم بالمركبات اغنية اني اخترتك يا وطني حبا وطواعيه اني اخترتك يا وطني سرا وعلانية..... بينما انا مصهللة بالغناء يقطعني سائق عمومي بالتزميز لي والاحظ من وراء الزجاج عصبيته واخمن انه يتلفظ علي بمسبات، لاني لا اسرع واقف على المفرق لاتمكن من العبور للشارع الرئيسي بأمان، هو يريدني ان ادخل الى الشارع بسرعة وعنجهية، لا اكترث له، بل اكمل اغنيتي الى ان اصل لمكتبي، اوزع الصباحات والابتسامات على زملائي وزميلاتي، بعدها ادخل لمكتبي. هذا هو الروتين اليومي الذي امارسه. تتوالى الايام ببطء ونحن نعد لهذا الشهر ان ينتهي، بينما انا اختلس ورقة مخبأة في جرار مكتبي أسجل عليها ما علي من التزامات مادية لهذا الشهر، لاجدها تتعدى نسبة ٧٠./. من الراتب المنتظر ليبقى لي مبلغا زهيدا لا يهم فهذا المبلغ سيصمدني واقتات عليه لخمسة او عشرة أيام. اطمئن نفسي لا تجزعي لا عليك ربنا بيسرها وبتلاقي حدا يسندك لآخر الشهر . أغلق الورقة واخبأئها، اتحدث لزملائي عن الحال لأجدهم يقهقون علي . اه اه واحنا انيل منك نحن علينا التزامات اكثر لدينا أطفال وابناء مطلوب منا التحضير لمستلزمات المدارس والجامعات . ويتمازحون اذا وجدت احدا يداين دلينا عليه . ابتعد عنهم واردد اغنية اني اخترتك يا وطني حبا وطواعية الى ما تنتهي الأغنية على ما يبدوا ان كلمات هذه الأغنية تخلق التحدي والإصرار وتقوي العزيمة اذن نحن بخير يا وطني واسعد حال طمئن ثرى فؤادك عنا. اقلب شاشة الحاسوب وانا اتابع صفحة الفيس فالاقى البريد مليئاً بالدعوات لحفلات التخريج ودعوات الأفراح من العزيزين على قلبي اتردد في فتحها ولكن لا محاله افتحها وابارك وانثر الوعود لعل الله يقدرني على تلبيتها فانا من الأشخاص اللذين اؤمن بالعلاقات الاجتماعية والحفاظ عليها ولكنني أعود لاغني اني اخترتك يا وطني . أرى على صفحات التواصل فيديوهات لحفلات الاعراس وحفلات التخرج أشاهد خلالها الاطعمة والحلويات واشاهد المطرب الذي يغني ويحي الضيوف. هنا أتساءل ترى كم كانت تكلفة هذا الحفل هل نحن نعيش برخاء ورفاهية لهذا الحد من الترف ام هي وسيلة لتنفيس من الضغط الذي نعيشه ام هي مجرد تقليد وإستعراض رغم قلة الحال. هنا تساءلاتي لم تلاقي إجابات تشفي الغليل مجرد أجوبة ساذجة خلي الناس تفرح. اجيب خليها تفرح عرايك. انئي بنفسي جانبا واغني إني إخترتك يا وطني. ... أغادر مكان عملي لأصل لمركبتي انظر لساعة خزان الوقود أراه يضيء. اقول لنفسي كملت معي . اذهب لمحطة الوقود اتناول الخمسين شيكل اقبلها واقول لها ربنا يطرح فيك البركة . يبدا عامل المحطة بتعبئة الوقود وانا اراقب العداد واخاطبه ايوه ايوه كمان كمان تاملا مني ان تكثر الكمية. الى أن يقف بعد برهة قصيرة. اسأل الموظف بس هلقد الخمسين بتعبي؟ يبتسم لي ويقول ولى شو بتفكري لقد ارتفع سعر الوقود واتمتم بمسبات في نفسي خوفا ان يسمعني احد بصراحة مش ناقصني الي في مكفيني. بعدها اذهب للبائع الخبز لاشتري خبزا لأجد أن حجم الرغيف اصبح نحيفا اقول لنفسي ما به كل يوم يصغر حجمه. بعدها فهمت من احد اجابني ان ربطة الخبز مسعره ولا يجوز للبائع ان يتعدى على السعر ولكنه يملك حرية تصغير حجم الرغيف او إختيار طحين سعره رخيصا . أغادر المكان بصمت المغلوب على أمره. واذهب الى محل الخضار لأرى العجب الرهيب في أسعار الفواكه وارى العجب العجيب في أسعار الخضار وتسعيرها فالخضار الذبلانه والمصابه لها سعر والخضار الطازجة الجميلة لها سعرا آخر. فاسأل البائع عن الأسعار؟ فلا يجيبني عن السعر بل يكتفي بالاشارة لي اختاري من هنا. إن ذكائه أعلمه ان من يسأل عن السعر هو من يختار الارخص سعرا. فنحن كانوا يطلقون علينا ذوي الدخل المحدود اما هذه الأيام أصبحوا ينادون علينا باستهزاء انتم هي يا جماعة ٨٠ ./. لقد قالها لي طبيب الأسنان انتم كنا نحسدكم لكننا حاليا نشفق عليكم، والله اصبحت تجوز عليكم الصدقة لوين وصلتوا . كلمات جارحة نسمعها ولكننا نكابر ونحمد ونقول الحمدلله مستوره فنحن بأحسن حال فيك يا وطني نحن اعتدنا على القتات والفتات تعودنا على الصمود وضيق الأحزمة على امعدتنا وكادت ان تتمزق من كثر ما شددناها. ولكننا سنبقى نغني انا اخترناك يا وطني حبا وطواعيه. انا اخترناك سرا وعلانية فليتنكر لنا زماننا يا وطننا الرائع يا وطنا. هل سيأتي عليك يوما ستذكرنا!!!!

البوابة 24