البوابة 24

البوابة 24

مكونات المجتمع بين ثقافة الحارة وثقافة الزريبة

بقلم محمد قاروط ابو رحمه

الحارة: هي اسم دارج في فلسطين، ويطلق على جزء من قرية او مدينة وبالغالب سكانها ينحدرون من أصول واحدة، او صهرتهم  الحارة حتى أصبح الجميع كأنهم عائلة واحدة ممتدة، يعيشون معا، والحارة هي مجموعة زواريب، والزاروبه: هي طريق للمشاة او الدواب تمتد لمسافة طويلة داخل الحي، وفي كل زاروبة، مجموعة من الاحواش، الحوش هو عبارة عن سور داخله مجموعة غرف يعيش فيها أبناء العائلة وزوجاتهم، وفي كل حوش زريبة،
(الزريبة: هي مكان خاص للمواشي ويطلق سراحها نهارا لتسرح ويغلق عليها ليلا لتستريح وتكون في مأمن)، في الحارة يتعايش الإنسان والحيوان والطير بسلام، كل يعرف حقوقه وواجباته.  ويتفاخر أهل الحارات فيما بينهم بالكرم، وسد حاجات بعضهم، وإطعام الجائع، وإغاثة الملهوف،ويهتمون بشؤونهم ومصالحهم سويا ولكن دون انفصال عن باقي الحارات
مجازا استخدمنا مصطلح حارة على رأس المال الاجتماعي المتمثل بالقيم المجتمعية وأخلاق المجتمع وعاداته، والجوامع المشتركة لأهدافه وطموحاته، وكذلك على قواه السياسية وفصائل العمل الوطني، ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات المحلية والأندية والنقابات والاتحادات.
استخدمنا مجازا مصطلح حارة  للتعبير عن التنوع . تنوع تكامل وليس تنوع اختلاف.
 وكنا نطلق على من نختلف معهم وحتى 9 من أصل 10 امور  انه في داخل حدود الحارة. بمعنى نقبل في حارتنا  من نتفق معه في أمر واحد ونختلف معه في تسعة أمور. كانت هذه أيضا هي حركة فتح التي تقدم نفسها حركة طليعية قائدة للشعب العربي الفلسطيني حتى التحرر من الاحتلال.
 بدأت ثقافة الحارة ومفهومها يضيق في المجتمع ومكوناته وتنتقل إلى ثقافة الزاروبة  ثم ازداد ضيقا  إلى ثقافة الحوش.
 وألان نحن غالبا في ثقافة الزريبة.
 والزريبة ضرورة في كل حوش ولكن المشكلة عندما تعطى الزريبة أهمية واهتمام أكثر من الحارة. 
في ثقافة الزريبة كلاب تنبح ليدخل اكبر عدد من القطيع إلى الزريبة، وفي الزريبة يرتفع ضغيب الارنب، وفحيح الحية، وبطبطة البطة، وخوار البقرة، وطنين البعوضة، وشحيج البغل، ونعيق البومة، ونقنقة الدجاجة، وازيز الذبابة، ونهيق الحمار، ومأمأة الخروف، في الزريبة لا تسمع هدهدة الهدهد، ولا صفير النسر، ولا دوي النحل، ولا سليل الغزال، ولا غقغقة الصقر، ولا صهيل الخيل، ولا رغاء الجمل، ولا زئير الأسد. الحارة صدر واسع تنوع تكامل، تلاقح افكار، الذين يتمسكون بثقافة الحارة اقله. ثقافة الزيبة لا تحرر وطنا ولكنها تصنع عبيدا وثروة لأصحابها.
ثقافة الزريبة ستدمرنا فهل من عقلاء يعيدوا للحارة مجدها وكبريائها  وتفوقها وقوتها.

البوابة 24