البوابة 24

البوابة 24

في فقه السلخنة

بقلم:عمر حمش

وبات السّلاخي إذا استوزر؛ لا وزر عليه، ولا اعتراض، فالبلاد فسيحة، والوزارات ربيعٌ مستباح.
ومفردة السلاخي؛ كانت تلفظها أمي لسلاخي بحذف الألف، تخفيفا، وتسريعا، وإذا ما سعينا خلف اللفظة، فلرب نحتٍ كان جرى، وكان الأصلُ الانسلاخي، في وصفٍ لمن خرج عن كلّ مألوفٍ، ومقبول، وبات يأتي بما هو عارٌ، ومخزٍ، وهذا بالذات من كان يسمى بالداشر.
المهم يا صديقي، وقد باتت بلادنا زربيحة؛ فحق لكلّ سلاخي داشر أن يستوزر، ويزاحم الصالحين، ويحاولُ أن يأخذ دوره فينا، ليصول في بطوننا ويجول.
وقد تستعصي مفردة زربيحة هي الأخرى، فنقول:
تلك شوربة لم تزل تسكب في القروانات، وتزج للمعتقلين من تحت أبواب السجون.
ولأن حالنا حال الزربيحة، وقد انخسفت بنا البلاد، وأهينت فيها العباد؛ وهوى الرجال، وصعد الغلمان، وفاعوا على كبارهم من كل ركنٍ، وطفا السلاخية والهلسات، فقد حقّ لهم أن يقهقهوا، وقد داعبتهم رغبة الوزرنة.
أما مفردة الهلسنة، ومنها بالطبع تأتي الهلسُ، بوصفِ كلّ تافهٍ، وهاملٍ وضيعٍ؛ فللحقّ تلك أعجزتني، ولسان أمي الميتة التوي ساخرا من عجزي عن فهم نحتها.
لا علينا، لكني في منامي جاءني مجلسٌ اختلط فيه السلاخية والهلسات، وقد تصايحوا؛ حين روى أحدهم، وأقسم:
أنه يرى من النافذة كوكبة شهداء عائدة.
وسمعتهم وهم يصرخون:
فال الله ولا فالك.
روح يا شيخ الله يخرب بيتك
ثم قاموا إلى الستائر يزيحونها؛ ليروا من خلفها في العائدين شبانا، وصبيانا، وكهولا، وعجائز، وكلٌّهم مازالوا مضرجين بدمائهم، ويشهرُ كلٌّ منهم فردتي قبقابٍ قديمٍ، ويهرول اتجاه المجتمعين حانقا.

البوابة 24