طفلة النابالم و أرون بوشنل

بقلم د. محمد عودة
فان ثي كيم فوك Phan Thị Kim Phúc
ولدت فان ثي في الثاني من ابريل عام 1963 في قرية ترانغ بانغ في محافظة تاي ننه في جنوب شرق فيتنام بالقرب من سايغون.
في الثامن من حزيران 1972 تعرضت قريتها ترانغ بانغ لهجوم جوي باسلحة محرمة دوليا ومن بينها قنابل النابالم على يد طياري فيتنام الجنوبية المتحالفين مع الامريكيين، كانت قد اكملت عامها التاسع ولم تكن تطمح في أكثر من انتهاء الحرب والعيش بسلام مع اسرتها، ولم يدر بخلدها انها ستتحول الى ايقونة عالمية لها دور مهم في انهاء العدوان على بلدها.
لسوء حظ فان ثي سقوط قنبلة نابالم بالقرب منها واشتعال النيران بجسدها حيث ركضت وهي تصرخ، نونغ كوا، نونغ كوا (حار جداً، حار جداً). كان تقدير اطباء مستشفى بارسكي في سايغون لحالتها انها لن تعيش الا ان الطبيب ا التجميلي الفنلندي آرني رينتالا أجرى لها عدد من العمليات التجميلية في عيادة خاصة شهيرة في لودفيغسهافن، في ألمانيا في عام 1982.
لحسن حظ الفيتنام ان مصور نيويورك تايمز (نيك اوت) تواجد في المنطقة والتقط الصورة المشهورة في اللحظة المناسبة، لم يكتفي بالصورة فقد أسعفها الى مستشفى بارسكي ولازمها فترة طويلة وبقي يزورها حتى غادر فيتنام بعد سقوط سايغون. ما الصورة فقد تردد محرروا نيويورك تايمز في نشرها لا انها نشرت وحصدت جائزة بوليتزر للعام 1973.وقد انتشرت الصورة كالنار في الهشيم وشكلت عامل تحول في الراي العام العالمي مما سرع في تحرير بلدها فيتنام.
اما في فلسطين فقد اُحرقت عائلة الدوابشة كاملة واُحرق محمد ابو خضير ،وخلال مئة وستة واربعون يوما من الابادة الجماعية في قطاع غزة أُحرق المئات من الاطفال والنساء بالفسفور الابيض واسحلة اخرى محرمة دوليا بعضها هدية من الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والمانيا وبعضها الاخر صناعة صهيونية .
ولم يكن هناك المصور نيك اوت بل مئات المصورين الذين صوروا ووثقوا ونشروا على الهواء بثا مباشرا لالاف الحالاتوبعضها ابشع مما حصل في الفيتنام بعشرات المرات،ولم تصبح صورهم وتسجيلات الفيديوهات باهمة صورة طفلة النابالم.ربما لان هناك اجماع لدى قيادات دول الاستعمار واعني الجانب الرسمي بان الفلسطينيين كائنات لا تستحق حتى وقفا لاطلاق النار وقد ظهر ذلك جليا في تصريحات القادة الاسرائيليين بان الفلسطينيين حيوانات بشرية وتُوج باستخدام حق النقض من قبل لولايات المتحدة الامريكية ضد المشاريع الثلاثة التي قدمت لمجلس الامن من اجل وقف اطلاق النار.
من الواضح ان عشرات آلاف الضحايا الفلسطينيين وغالبيتهم من النساء والاطفال والشيوخ لا يعنون الكثير للغرب، فغزة تحولت لمكان غير قابل للعيش ويعاني سكانها من النزوح وفقدان للأمن الحياتي، الصحي والغذائي فمن ينجو من جحيم القصف قد لا ينجو من الجوع او المرض نتاج فقدان شبه كلي للمستلزمات الطبية.
ملايين الاحرار في العالم نزلوا الى شوارع اهم العواصم والمدن في العالم مطالبين بوقف الابادة ومطالبين دولهم بعدم تزويد اسرائيل بالاسلحة وذهب بعضهم الى المطالبة بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني ،حراك اسهم بمواقف مهمة من قيادات بعض الدول لكنها لا زالت في الاطار النظري ،حيث ان مواصلة الحراك عالميا قد يدفع الدول التي لم تحرك ساكنا على الارض الى اتخاذ مواقف عملية لعلها تسهم بوضع حد للعدوان والابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
بالامس اختار الطيار الأمريكي آرون بوشنل أن يضرم النار في جسده في مشهد صدم الأمريكيين وفضح الانحيازالأمريكي الفج لصالح الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن حرباً وحشية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، مخلفاً ما يزيد على 40 ألف شهيد ومفقود واكثر من 70000 جريح وكان يردد لن أكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية"
انا شخصيا كنت اتمنى لو ان البطل ارون بوشنل اختار طريقا آخر للتعبير عن تضامنه مع فلسطين ورفضه لانحياز بلده لدولة احتلال تمار الابادة الجماعية والتطهير العرقي.كنت اتمنى لو انه بدل الانتحار استقطب اخرين من زملائه في الجيش للاحتجاج على الدور الامريكي المشارك في ابادة الشعب الفلسطيني ،اما وقد حصل فهل يصبح ارون بوشنل فان ثي كيم فوك الثانية؟
لتكن حادثة الاحتجاج على طريقة ارون بداية نهاية الاحتلال والعدوان على طريق انهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتمكينة من تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس. النصر لفلسطين والشفاء لجرحاها والحرية لاسراها والرحمة كل الرحمة لشهداء فلسطين .
رحم الله البطل أرون بوشنل واطال في عمر فان كي ثي فوك
البوابة 24