بقلم نعمان توفيق العابد
بعد دخول العدوان على قطاع غزه شهره السادس، وبعد استشهاد ما يزيد عن ٣١ ألف شهيد وأكثر من ٧٢ ألف جريح، وآلاف المفقودين،وبعد ان تم تدمير ٨٠٪ من منازل قطاع غزة وخاصة في الشمال، وبعد حرب التجويع والموت البطيء الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل، ومع رفض حكومة الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية واحتياجات شعبنا هناك من خلال المعابر البرية واغلاق هذه المعابر الشبه دائم ، وبعد قيام عدد من الدول بإنزال بعض المساعدات عبر الجو، خرج علينا الرئيس الأمريكي بايدن بإعلان عن اوامره " للجيش الامريكى "، بتشييد " مرفأ "، بحري على شواطئ قطاع غزه ، لادخال المساعدات الإنسانية من خلاله…..
هذا القرار الذي ظاهره انه إنساني ، لاقى ترحيبا من حكومة الاحتلال وتعاونها الفوري والإعلان مباشرة عن كيفية عمل هذا المرفأ من حيث الدول المشاركة ومكان تجمع المساعدات وكيفية فحصها من قبل أمن الاحتلال ومن سيرافقها ويحميها من قوات امريكية تصل إلى الف جندي امريكي، يدلل ان هذه خطة ليست جديدة ولكن كان يمهد لها الظروف حتى تلقى القبول وعدم الاعتراض وعدم السؤال عن أهدافها الحقيقية وعدم الحاجة لان تمر عبر قرار من مجلس الامن، كل ذلك بحجة الحاجة الماسة، وهي كذلك، لادخال المساعدات الانسانية لشعبنا في قطاع غزه.!!!!
ولكن في حقيقة الأمر ان هناك اهداف مباشرة خطط لها لان تكون، لهذا الممر، بعد إظهار استحالة تحقيق ادخال المساعدات عبر المعابر البرية الموجودة أصلا في القطاع، وبعد إظهار الحاجة الماسة لشعبنا لهذه المساعدات، فكان اقتراح المرفأ، والذي هو مرفأ باطل ظاهره حق، فهو تحت سيطرة كلية أمنية ولوجستية إسرائيليه امريكية دون تدخل او اشراف من اية جهةٍ فلسطينية وهي الاولى بالتدخل، او حتى عربية ربما فقط في التمويل……
وهنا ما هي مخاطر هذا المرفأ او الميناء بالطريقة التي يتم اقتراحها لانشاءه وعمله؟؟
اولا…. في ظل الحصار والتجويع والحاجة وجعل قطاع غزه منطقة غير قابلة للعيش، يمكن ان يستخدم هذا المرفأ، المسيطر عليه من قبل دولة الاحتلال وامريكا وحدهما، لتهجير شعبنا إلى خارج قطاع غزة في ظل الرفض المصري والفلسطيني الرسمي والفصائلي لهذا التهجير، عندما لا يكون هناك رقابه او تدخل وإشراف فلسطيني او عربي لعمل هذا المرفأ…
ثانيا….. هناك مخطط امريكي اسرائيلي قديم بأنشاء قناة بن غوريون، والتي تربط البحر الأحمر بالبحر الابيض المتوسط من خلال قطاع غزه وتحديدا بالشمال منه.
ثالثا…. ليس سرا ان مقابل شاطيء غزه هناك كميات ضخمة جدا من الغاز الطبيعي الافضل والذي يعد مصدر اقتصادي قوي لأية جهة تسيطر عليه…
رابعا…. لا شك ان استهداف مصر من هذه المخططات في سبيل اضعافها كونها الدولة الاكبر ومخطط السيطرة عليها وأضعافها موجود منذ فتره…..
خامسا…. بذلك يتحقق ايضاً هدف حكومة الاحتلال، اولا لانقاذها من جريمة حصار قطاع غزه، ومن ثم بعدم تحقيق قيام دولة فلسطينية مستقلة تشمل قطاع غزه والضفة الغربية و القدس الشرقية….
علما ان مخطط الموانىء العائمه لتهجير السكان الاصليين هو مخطط وفكره امريكيه قديمه اقترحها مهندس الديبلوماسية الامريكية هنري كيسنجر….
لكل ذلك وغيره من الاسباب تؤدي الى شكوك متزايده حول
الاقتراح الامريكي ، وكأن حال امريكا تريد ان تستثمر عدوان دولتها الوظيفية لصالحها، عبر ايجاد قاعده عسكرية امريكية في هذه المنطقة لحماية الشركات الأميركية التي ستستثمر في الغاز الفلسطيني واذا ارادت امريكا تبديد هذه الشكوك فعليها ابتداءا الضغط لفتح المعابر البريه، وادخال المساعدات ووقف العدوان واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة…..
المحلل السياسي والباحث في الشؤون الدولية والقانونية
