البوابة 24

البوابة 24

كرة ثلج الحراك الطلابي

نبض الحياة
كرة ثلج الحراك الطلابي
عمر حلمي الغول
ما بين المكارثية الأميركية ونازية نتنياهو تواجه الحركة الطلابية الأميركية تحريضا وتشويها وافتراءً على أهداف حراكها الإنساني السلمي الرافض لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية المتواصلة لليوم 204 من حرب الهمجية، والمطالبة بوقفها فورا وبشكل دائم، ورفض اية استثمارات مالية لجامعة كولومبيا تدعم الحرب على الابرياء الفلسطينيين العزل في أراضي دولة فلسطين المحتلة وتحديدا في قطاع غزة.
وتجلى الخطاب المكارثي من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، والذي عكسه يوم الأربعاء 24 ابريل الحالي تصريح مايك جونسون، رئيس مجلس النواب أثناء تواجده في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك المنافي للحقيقة، وقلب الحقائق رأسا على عقب، عندما ادعى بأن الحراك الطلابي يمثل "تهديدا" للطلاب اليهود، وطالب ب"مواجهة معاداة السامية" في حرم الجامعات، ليس هذا فحسب، بل انه ليفضح مراميه المكارثية، وانقلابه على الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير والتظاهر والاعتصام، الذي كفله التعديل الأول لنص الدستور الأميركي الأصلي في 15 ديسمبر 1791، الذي يتضمن منع صياغة أي قوانين تحد من حرية التعبير، او التدخل في حق التجمع السلمي، عندما دعا لارسال قوات الحرس الوطني للجامعات لتكميم الافواه، وحرمان الطلاب والمجتمع الأميركي من حق التعبير عن مواقفهم تجاه مواقفهم ضد الحرب.
مع ان جونسون يقف على رأس الهيئة التشريعية الأميركية، التي يفترض ان تكون الحامي الأول للديمقراطية والدستور. بيد ان رئيس الكونغرس إسوة بكل الصهاينة وأنصار المسيحية المتصهينة، كشف عن نزعاته المكارثية المعادية لما تقدم، وقام عن سابق تصميم وإصرار بتزوير الحقائق، باتهامه الحراك الطلابي بكذبة "معاداة السامية"، حتى اضطر الطلبة اتباع الديانة اليهودية بالرد عليه، وأكدوا، انهم احتفلوا بعيد الفصح اليهودي في حرم الجامعة ووسط المخيم الطلابي الرافض لحرب الإبادة الجماعية. كما ان المفاوضين باسم الحراك الطلابي أكدوا في بيان رسمي لهم، ان حراكهم سلمي يدعو لوقف الحرب الاجرامية، ومساءلة الجامعة عن استثماراتها المالية في إسرائيل ومستعمراتها الداعمة للحرب القذرة للشهر السابع على التوالي في غزة. أضف الى مشاركة المئات والالاف من الطلاب الاميركيين اتباع الديانة اليهودية في الحراك الطلابي في الجامعات المنتشرة في طول وعرض البلاد.
وكانت خطيئة نعمت شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا استدعاء الشرطة للتدخل ضد الحراك الطلابي، الذي بدأ في 17 ابريل الحالي من اجل فض الاعتصام الطلابي السلمي، الذي أدى الى تفاقم الوضع، واتساع رقعة الحراك بعد اعتقال ما يزيد عن 108 طلاب من جامعة كولومبيا لوحدها، وما يزيد عن 500 طالب من مختلف الجامعات، حيث امتدت المظاهرات لأكثر من 44 جامعة هامة في الولايات المتحدة، وانتشرت عدواه الى أوروبا واستراليا، ومازالت كرة الثلج الطلابية في الولايات المتحدة تتدحرج وتتعاظم، رغم مضاعفة وتعمق التحريض من مكارثيي اميركا الجدد.
وبالتلازم مع المكارثية الأميركية شن بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية هجوما حادا على الحراك الطلابي متهما إياه ب"النازي"، مع مقاربتة بين ما يجري الان في الولايات المتحدة وما شهدته الحركة الطلابية الألمانية في ثلاثينيات القرن الماضي، أي في عهد صعود النازية الألمانية مع تبوأ هتلر مركز القرار آنذاك، واتهم الطلاب بما فيه هو ب"النازية" المردودة عليه وعلى حكومته ودولته اللقيطة. وكأنه أراد الغمز من قناة إدارة بايدن، واتهامها باحتضان "النازية" في الولايات المتحدة، ولم يحاول المقاربة مع الحراك الطلابي الأميركي نهاية ستينيات ومطلع سبعينيات القرن الماضي ضد الحرب في فيتنام وكمبوديا، قاصدا الاتهام للطلاب والإدارة على حد سواء. رغم انها قادت الحرب ضد الشعب الفلسطيني مباشرة خلال الشهور السبعة الماضية، ورصدت لإسرائيل قبل أيام أكثر من 26 مليار دولار أميركي ثلثيها لدعم جيش عصاباتها واسلحتها الفتاكة. ومع ذلك صمت اهل الإدارة، ولم ينبسوا ببنت شفة ردا على بيبي.
ولمزيد من التشويه والتحريض المكارثي حاول أنصار إسرائيل والمنظمات الصهيونية واللوبيات الداعمة لها نشر الأكاذيب والافتراءات ضد الحركة الطلابية الأميركية المناهضة لحرب الإبادة على غزة، والمطالبة بوقفها فورا وبشكل دائم، لإسكات مطلق صوت متناقض مع أهداف إسرائيل الاستعمارية والنازية. وانبرى أنصارها المأجورين أمثال الكاتب آيرا ستول الذي اتهم الطلاب في مقال نشره في "وول ستريت جورنال" بأنهم يتقاضون رواتب مقابل حراكهم، واتهم المنح المالية لمؤسستي روكفلر وجورج سورس بدعم أولئك الطلاب. ودعا ستول الكونغرس وسلطات انفاذ القانون الى فحص السجلات المالية لهذه المنظمات الداعمة للجامعات.
إذا الحملات المضادة للحراك الطلابي المتعاظم ضد الحرب، والداعم لفلسطين بقدر ما ارادت الدفاع عن إسرائيل النازية، بقدر ما شاءت تكميم الافواه الأميركية، والتغول على الديمقراطية، واستباحة الدستور الأميركي حماية لأساطين رأس المال المالي والدولة العميقة في واشنطن، وتشريع قانون الغاب في بلاد العم سام. لأنها تخشى من تداعياتها على الشارع الأميركي، الذي يشكل الطلاب أحد روافعه الهامة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com

البوابة 24