الحرب وسيناريوهات المرحلة القادمة

قبل الخوض في التوقعات وسيناريوهات المرحلة القادمة  علينا العودة للوراء قليلا. ومحاولة معرفة أسباب اندلاع هذه الحرب. والإجابة على سؤال لماذا حدث ما حدث خاصة ما قامت به المقاومة وتحديد حركة حماس في السابع من اكتوبر 2023.

السابع من أكتوبر

من الذي اتخذ القرار؟ من الذي قرر هجوم السابع من اكتوبر؟ هل القيادة السياسية لحركة حماس كانت على علم؟ هل تم وضع خطة واستراتيجية للتطورات و ردة الفعل الإسرائيلية؟ هل حدد اصحاب القرار ماذا يريدون من هذا الهجوم؟ و هل إسرائيل لم تكن على علم مسبق بهذا الهجوم وهل ردة الفعل الاسرائيلية الأولى على الهجوم مقنعة ؟
 اسئلة مشروعة ستبقى اجاباتها في ادراج المطابخ السياسية و الإستخباراتية و الأمنية ! لكن يبقى السؤال الأهم هل استحقت عملية السابع من اكتوبر هذا الدمار الهائل والخسائر والشهداء والجرحى الذي دفعها الفلسطينيون ؟

الخسائر و المكاسب

على مستوى القطاع والضفة فإن عدد الشهداء اقترب من 40الف وما يقارب 150الف من الجرحى والأعداد مرشحة للزيادة بالتأكيد. اضافة الى تدمير شبه كامل للبنية التحتية للقطاع و تدمير ما يقارب 70بالمئة من المساكن مع انعدام المياه الصالحة للشرب و انتشار الأمراض ومعاناة الجوع و توقف المستشفيات والمراكز الصحية بنسبة كبيرة عن أداء دورها  والحالة الكارثية التي وصل إليها الناس في القطاع .
أما المكاسب في حال تجاهل حجم الخسائر فأولها ظهور وجه إسرائيل الحقيقي وحقيقة عنصريتها وعدم احترامها للمجتمع الدولي وهي أمور كانت بالأصل معروفة والتغني بها الان مجرد رغبة في الهروب من المسؤولية . وثانيا كما يقال إعادة الإهتمام بالقضية الفلسطينية وتصدرها للمشهد الدولي من الحضور والبحث عن حلول و قد كان يمكن لها ان تكون بحضور اكبر واهم لولا الإنقسام السياسي والجغرافي الذي اوصل القضية الى ما عليه من التراجع . وثالثا تغيير في فكر الجيش الإسرائيلي بأنه الأقوى والقادر على تحقيق اهدافه دون صعوبة و هو فكر سخيف بسبب عدم رغبة اي طرف عربي بالقتال والمواجهة.

على مستوى الإحتلال والجيش الإسرائيلي فلا شك بأن هناك خسائر يراها المراقبون انها كبيرة جدا لأن الإسرائيليون لم يعتادوا على سقوط قتلى و جرحى و مرضى بهذه الأعداد ولم يتعرضوا للنزوح والهروب من المناطق الحدودية مسبقا و لا بتوقف حركة الاقتصاد ورؤوا ان هذه الخسائر مختلفة عن اي حروب سابقة خاضتها إسرائيل. وبالمقارنة بين خسائر الطرفين ومعاناة كل طرف فإن الفرق شاسع وبنسب هائلة لا يمكن وضعها في خانة واحدة وكأنها متكافئة.

اما المكاسب الإسرائيلية من هذه الحرب فحتما سيكون ما ستنتجه هذه الحرب من تراجع لدى الناس في فكرة الصمود والمقاومة والتحرير! وفي توفير امكانية عقد اتفاقات جديدة حول شكل القطاع مستقبلا لصالح اسرائيل مع الطرف الذي سيبقى مسيطرا على القطاع لضمان عدم القيام بأي اعتداء او استفزازات مع تأمين الحدود الإسرائيلية بشكل مختلف و استمرار الإنقسام الفلسطيني لما له من أهمية قديمة جديدة وفي المد العربي القادم نحو التطبيع واقامة العلاقات.

الإنتصار والهزيمة

من الذي سيحدد الطرف المنتصر والطرف المنهزم؟ لا يحتاج تحديدها الى وعي وإدراك والنتائج النهائية هي التي ستحدد ذلك ويعني انه إذا انسحب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة كاملا فقد اعلن بذلك عن هزيمة اسرائيل و انتصار  حماس والشعب الخاسر الأكبر. 
وإذا استمر بقاء الجيش الإسرائيلي سواء في المناطق او في المعابر فقد اعلن عن انتصار اسرائيل وهزيمة حركة حماس والشعب الخاسر الأكبر. 

الخاسر الأكبر 

الشعب الفلسطيني هو الخاسر الأكبر من هذه الحرب فلا انتصار إسرائيل يفرحه ولا بقاء حماس على سدة الحكم يسعده . وسيبقى رهينة ما بين الطرفين . وطالما استمر الإنقسام فهو انتصار ايضا للطرفين وسيبقى ايضا الشعب الخاسر الأكبر. 

نهاية الحرب 

لا نهاية للحرب حتى وإن تمت الصفقة. و وقف اطلاق النار المتوقع لن بستمر طويلا هي استراحة بين الشوطين إن حدثت .لأن نهاية الحرب لها متطلباتها و أثمانها . 
نهاية الحرب إذا قررت العبور ستحمل اسرار و تداعيات خطيرة جدا على القضية الفلسطينية فهذه الحرب مختلفة عن بقية الحروب إذ ان الحروب التي لا منتصر وحيد فيها ستنجب اتفاقات جديدة يحاول فيها كل طرف استمراريته وبقاءه وهو ما يؤكد على استمرار الإنقسام مع عدد من نقاط التنازل الذي سيقوم بها كل طرف من خلال التأكيد على أمن اسرائيل و حدودها ومنح بعض الامتيازات الى قطاع غزة. ودون ذلك فالحرب لن تنتهي إلا بهزيمة مدوية لأحد اطراف الحرب.

البوابة 24