قضية خيمة...قصة قضية 2/4

بقلم: محمد أحمد سالم

منفعلًا وكأن كرامته هي التي احترقت، كان في قمة توتره، والغضب يجتاحه وكل ما حوله قد بدأ يهوي أمام ناظريه، أحس بلمحة أسف، ولكن ضياعها هكذا عنوة، ورغمًا عنه، فهو صاحب الأرض والحق فيها، لكن قياداته انشغلت عنه وعن قضيته بالتنازع على السلطة شبه سلطة، وكانت أمامها أكثر من فرصة لاسترداد جزء من حقوق شعبها، إلا أنها انشغلت بتنازعها على مغانم السلطة ونزاعها على الانفراد بالحكم. الشاهد...الأحاسيس السلبية كانت تملؤه والخواطر السوداء لم يطردها، روحه تبلغ الحلقوم والحرارة تصل أوجها والازدحام منتهاه، وكأنه أصبح في مكان ناحية جهنم مهجور. فكل شيء بالجملة؛ القتل بالجملة، والحرق بالجملة و الإعدام بالجملة، النزوح بالجملة، والحوادث أيضًا بالجملة، فالموت لا يمشي هنا على أطراف أصابعه حتى لا يعكِّر قدسية الأسماء، والكل منقبضًا والناس تتصارع والبقاء للأشئ.  وبين الحين والحين تسمع انين، كالصرخة الأخيرة لجريح يغرق في دمه، والضجة تمتص الصراخ ولا وتمنع الاحتراق، والازدحام هائل، والغوث بطيء، وصوت اليأس يفجِّر دماء القلب؛ وبعد أن حاول ابتلاع ريقه الجاف كما ابتلع لسانه ، و يزداد ما يُحس به من كره وغثيان. ويبلغ الغثيان مداه، فقد كان عليه أن يحتمل والاحتمال له حدود؛ لذلك وهو الآن يخبط كفًّا على كف، فلم يشأ أن يُتعب نفسه،من اجل ثورة.. لكن؟!  عاش أحقابًا طويلة يُكبَت ويتقوقع على انقسامه  و مشاكله وأمراضه وأوجاعه، وما يحدث الآن إن هو إلا نتاج السكوت السلبي..صمت إجرامي في حق النفس، ولم تكن هناك محاولاتٌ لطرد هذه الأمراض والأورام إلى الخارج تمهيدًا للتخلُّص منها وللتحرُّر من قبضَتها ولتطهير جوف القضية او الخيمة، إن كثيرًا من الناس يقرِّرون أشياء خطيرةً في حاضر او مستقبل بلادهم اعتمادًا على أشياء غامضة لا أساس.. كيف؟ لم يُتعب نفسه ويفكِّر. ولكن هناك من اضطر إلى التفكير بعد الاحتراق العام، ولا رثاء..مجرد رثاء يقضي على صمته. صحيح أن الشعب  لم يُخَيّر، ولم يُقرِّر مصيره، كما لم يَخْتَر القتال سبيلًا أوطريقًا لحل مشكلته، أو طريقة لاسترداد حقه وأرضه، وصحيح كذلك أنه شعب اختطفته بمثل ما اختطفت قراره واختياره وكلمته في هذا الصراع ، لكن هذا قدره، مثلما هو قدر شعوب عربية كثيرة غيره. قرارُها مُختطف، وإرادتها مسلوبة، وكلمتها ساكتة تحت جبروت حكامها الباطشين المستبدين، لتكن خرقةً قديمة ممكن تسميتها مع كثير من التجاوز خيمة أو قضية لتكن تمثيلية قديمة أيضًا يجيد أداءها ذات الشخصيات ؛ فظاهرة دجل موالسة الخراب، وانتهازية السادة اتحاد ملاك القضية، ظاهرةُ جَعلَت من هذه القضية او الخيمة فوضى حُمَّى ووَصلَت بالواقع السياسي إلى حد الهَلْوسة والانقسام  والتخريف. سيرك سياسي، ومسرح للمهرجين، وفي خيمة السيرك السياسي بمهرجيه وبهلوناته، تجد اصحاب الألعاب  و الكرات الصفراء والحمراء و الخضراء، ذات أشكال وأسماء وأنواع، والعاب السحرة والمشعوزين المفضوح امرهم بالجرأة والاستهتار. إلى ان استحال السيرك إلى ظلام، والظلام إلى الظلم، و الظلم إلى محرقة، تغوص فيها الدماء لسابع أرض.  

البوابة 24