أزمة صحية غير مسبوقة في غزة.. نقص الأدوية يهدد حياة آلاف المرضى وسط الحرب

صورة توضيحية
صورة توضيحية

رشا كحيل

يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة في ظل حرب إبادة مستمرة دخلت عامها الثاني. يعاني القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، ما يهدد حياة آلاف المرضى الذين يعتمدون على العلاج اليومي للبقاء على قيد الحياة. وفي ظل هذا الوضع الكارثي، تتجلى قصص مأساوية لمواطنين فقدوا الأمل في الشفاء، وتتوالى نداءاتهم للعالم من أجل التدخل لإنقاذهم.

مرضى السرطان والأمراض المزمنة هم من بين الأكثر تضررًا، إذ يفتقدون الأدوية الأساسية التي يحتاجونها للبقاء أحياء. في مستشفيات غزة، يزداد الضغط على الطواقم الطبية التي تعمل في ظروف قاسية تجعل تقديم الرعاية الصحية شبه مستحيل.

نهال، شابة فقدت والدتها المصابة بالسرطان، تروي قصتها المؤلمة: "كانت والدتي تستعد لجلسات العلاج الكيميائي في 11 أكتوبر 2023، بعد تشخيص حالتها قبل الحرب بأيام. لكن مع اندلاع الحرب، توقفت الإمدادات الطبية، وتلاشى كل أمل." تجسد قصة نهال وجع العديد من العائلات في غزة، التي لا تقتصر خساراتها على القصف والقنص الإسرائيلي، بل تمتد إلى حصار يفاقم من تدهور القطاع الصحي.

أكد الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة، أن القطاع الصحي يعاني "عجزًا مخيفًا" في الأدوية، إذ نفدت 83% من المستلزمات الطبية و60% من الأدوية الأساسية. وأضافت السيدة نهلة، المصابة بمرض السكري، أنها تواجه صعوبة بالغة في العثور على الدواء اللازم لها، مما أدى إلى تدهور حالتها الصحية في ظل نقص الغذاء المناسب وتفاقم تأثير مرض السكري على الأعصاب الطرفية، ما يجعلها تعاني من تنميل مستمر وصعوبة في الحركة.

تشير الإحصائيات الرسمية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الوفيات بين مرضى السرطان والأمراض المزمنة بسبب نقص العلاج، حيث يعجز أكثر من 50% من المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة عن الحصول عليها في الوقت المناسب. ويوضح الدكتور البرش أن القطاع الصحي في غزة يعاني نزيفًا حادًا في كوادره الرئيسية، حيث نزح العديد من الكوادر الطبية قسريًا من شمال القطاع إلى جنوبه، واستشهد أكثر من 830 طبيبًا وممرضًا وعاملًا في المجال الطبي، فيما اعتقل أكثر من 310 آخرين في سجون الاحتلال.

تجاوزت الحرب في غزة حدود الخسارات الشخصية لتصبح مأساة جماعية، إذ لا يمثل انقطاع الإمدادات الطبية مجرد غياب للعلاج، بل هو سلبٌ للأسر من الأمل في الحياة. يسأل الغزيون: كيف يمكن للعالم أن يتجاهل معاناتهم وموتهم المتواصل على شاشات التلفاز دون أي تحرك؟ وتناشد وزارة الصحة الفلسطينية المجتمع الدولي التحرك الفعلي لتخفيف معاناة المواطنين، قبل أن تتحول قصصهم إلى مجرد ذكريات مؤلمة.

البوابة 24