عاشت غزة أكثر من 440 يومًا من المعاناة المستمرة، نتيجة لقرار حركة حماس باتخاذ خطوة اعتبرها البعض متهورة وغير مدروسة، بينما رأى آخرون أنها عملية أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية وأجبرت العالم على التركيز مجددًا على حقوق الشعب الفلسطيني.
وبدأت هذه الأزمة الطويلة تقترب من نهايتها مع بوادر اتفاق لوقف إطلاق النار بعد مفاوضات مكثفة بوساطة مصرية، قطرية، وأميركية، مما أعاد الأمل للفلسطينيين بتخفيف معاناتهم اليومية.
الاتفاق والوساطة الدولية
جاء الاتفاق المتوقع بعد جولات متعددة من المفاوضات بين الأطراف المتصارعة، بمشاركة القاهرة والدوحة وواشنطن، وأكد مصدر مصري مطلع أنه تم التوصل إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بعد جهود شاقة بذلها الوسطاء.
اقرأ أيضًا:
- أول تعقيب رسمي من حماس على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
- اتفاق الهدنة.. دولة عربية تستعد لإدخال أكبر قدر من المساعدات إلى غزة
وأوضحت المصادر أن الاتفاق يتضمن ثلاث مراحل، تبدأ المرحلة الأولى بالتوقف المؤقت للعمليات العسكرية من كلا الطرفين، كما تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية شرقًا بعيدًا عن المناطق السكانية المكتظة في القطاع، وتمركزها على الحدود.
إلى جانب ذلك، سوف تتوقف عمليات الطيران الحربي والاستطلاعي الإسرائيلي يوميًا لمدة 10 ساعات، ومن المتوقع الإعلان عن بيان مشترك قريبًا يوضح تفاصيل الاتفاق.
دور ترامب
جاءت الهدنة في وقت حرج، حيث أطلق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تهديدات صريحة بأن استمرار الحرب في غزة سيفتح "أبواب الجحيم" على الشرق الأوسط، ودفعت هذه التصريحات الأطراف المعنية إلى تعديل استراتيجياتها في التعامل مع المفاوضات، مما أسفر عن تسريع التوصل إلى الاتفاق.
ورغم غياب أي دليل على مشاركة مباشرة لترامب في المفاوضات، أشارت تقارير أميركية إلى أن مواقفه وضغوطه لعبت دورًا كبيرًا في دفع إسرائيل نحو الموافقة على وقف إطلاق النار.
مستقبل حماس
أثارت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جدلًا واسعًا، حيث أشار إلى أن إنهاء الحرب قد يكون نهاية لوجود حركة حماس، لكن دبلوماسيين مصريين أكدوا أن إنهاء الحركة بشكل كامل أمر مستحيل، إذ إنها ليست مجرد حزب سياسي، بل تحولت إلى عقيدة مترسخة على مدار سنوات.
وأوضح السفير رخا أحمد حسن، أن إنهاء حماس كفكرة مختلف تمامًا عن تقليص دورها السياسي والعسكري.
في المقابل، يرى السفير معتز أحمدين أن تصريحات بلينكن تعكس رغبة إسرائيل وأميركا في القضاء على وجود الحركة في غزة، لكن تحقيق هذا الهدف يعتمد على مدى صمود حماس ودور الوسطاء في إدارة الأزمة.
مصير غزة
ومع قرب الإعلان عن الهدنة، بدأ الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب، والتي لا تقتصر على وقف الأعمال القتالية، بل تشمل إعادة إعمار قطاع غزة وكشف السفير رخا أحمد حسن عن خطط القاهرة لعقد مؤتمر دولي لتمويل عملية إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن هذه العملية قد تستغرق ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.
وأضاف أن إعادة الإعمار تتطلب دعمًا دوليًا كبيرًا لضمان تحسين أوضاع القطاع وتخفيف المعاناة التي خلفتها الحرب.
ويمثل الاتفاق المنتظر خطوة محورية نحو تهدئة الأوضاع في غزة، مع تركيز على تخفيف معاناة المدنيين، إطلاق سراح المحتجزين، وإعادة إعمار القطاع، إلا أن المشهد يحمل تحديات مستمرة، أبرزها ضمان تنفيذ بنود الاتفاق وتحقيق الاستقرار الدائم، في ظل تعقيدات سياسية وأمنية لا تزال قائمة.