كلّهم طغاة يا صديقي

بقلم: نداء يونس

بيد أن اختلافنا لم يكن على شتم الطغاة، بل في أننا لم نتفق على أنهم جميعًا طغاة، وأننا نحب أن ننحاز، لا إلى الحقيقة، بل إلى فكرتنا عنها —إلى خوفنا، إلى مصالحنا، إلى فهمٍ لا يبنى إلا على صورة واحدة، ناقصة. تقول أننا أحرار في التأويل، إنظر إلى طول الحبل بينك وبين الجدار، إلى ما لم يقله الراوي، إلى قصة مبتورة، إلى التاريخ الذي يغرق في الفظائع، قبل أن تستعرض إرثك المثقل. حين يكون المعلم سفاحًا، يصبح كل ظل خنجرًا، وعليه بصمة السيد. قف في الزاوية، تاريخك ليس أسوأ من عصور ظلامهم من استبدادهم، الذي يسحب دم الضحايا من أجساد المصابين الهنود لينقذ جنوده، الذي يشتري رأس الهندي الأحمر أو جلدة رأسه الذي يسحب شعبا كاملأ للعبودية بسبب اللون الذي يقتل من أجل الغاز ومن أجل النفط ومن أجل الحشيش ومن أجل صورة البطل الأوحد ومن أجل إعدام التاريخ كي لا يحس بالضآلة الذي يكذب كي يمارس حربا بالوكالة، الذي يكفر سبينوزا ويحرق النساء بتهمة السحر الذي، والذي، والذي ........ ليس أسوأ ممن أحرق ابن عربي، مثلا أو من تاريخ بائس من الفتاوى. دعنا نختلف في كل شيء إلا في الحق بالرؤية الكاملة، بالذاكرة التي يبترها الراوي، وبأنهم طغاة، كلهم طغاة يا صديقي.

البوابة 24