أفادت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، صباح اليوم الثلاثاء، بأن استمرار المماطلة الإسرائيلية في تنفيذ التزامات المرحلة الأولى من صفقة التبادل يعزز إصرار حركة "حماس" على الانتقال إلى المرحلة الثانية باعتبارها الخيار الوحيد للإفراج عن 59 أسيرًا إسرائيليًا ما زالوا محتجزين لدى المقاومة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن آخر أشكال هذا التنصل تجلى في عدم انسحاب جيش الاحتلال من "محور فيلادلفيا" الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية حتى مساء أمس، رغم أن الاتفاق ينص على انسحاب كامل قبل اليوم الخمسين من سريان وقف إطلاق النار.
اقرأ أيضًا:
- مسؤول إسرائيلي: تمديد اتفاق وقف إطلاق النار ودخول المساعدات مرهون بهذا الأمر
- ترامب يتحدث عن المفاوضات الجارية بشأن اتفاق غزة.. طالع التفاصيل
الانتهاكات الإسرائيلية
ميدانيًا، تصاعدت وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية، حيث استهدفت طائرات مسيّرة تجمعًا للسكان شرق مخيم البريج، مما أدى إلى استشهاد ثلاثة أشقاء، كما نفذت الطائرات غارة على منطقة غربية في خانيونس، بينما أدى قصف مدفعي على طريق صلاح الدين قرب رفح إلى استشهاد شخص وتحول جثته إلى أشلاء، فضلًا عن وقوع إصابة أخرى.
واستمرت الطائرات الحربية بالتحليق على ارتفاع منخفض في أجواء غزة، بالتزامن مع إطلاق نار متفرق من آليات الاحتلال العسكرية في المناطق العازلة على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع.
في موازاة التصعيد العسكري، تواصلت القيود الإسرائيلية على المعابر لليوم التاسع على التوالي، ما أعاق دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، كما استمرت سلطات الاحتلال في قطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه في دير البلح، التي توفر 70% من مياه الشرب في القطاع، إلى جانب منع دخول الإمدادات الطبية والوقود اللازم للمستشفيات الحكومية، في إجراء يفاقم الأزمة الإنسانية ويتجاوز حتى سياسات العقاب الجماعي خلال فترات الحرب.
على الصعيد السياسي، لم تثمر أجواء التفاؤل التي أبدتها الإدارة الأميركية بعد محادثاتها المباشرة مع "حماس" في الدوحة عن أي اختراق يُذكر. وعلى الرغم من مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة القطرية لاستكمال التفاوض، عشية زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف للمنطقة، أفادت قناة "كان" العبرية بأن التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي يقتصر على مناقشة تمديد المرحلة الأولى، دون البحث في إنهاء الحرب، وهو ما ترفضه "حماس" بشكل قاطع.
مرونة من حماس
في هذا السياق، صرح المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، أن حماس أبدت مرونة كبيرة في التعامل مع جهود الوسطاء، بما في ذلك المبعوث الأميركي دونالد ترامب، مؤكدة التزامها التام بالمرحلة الأولى من الاتفاق، مع التركيز حاليًا على إيواء السكان، توفير الإغاثة، وضمان وقف دائم لإطلاق النار.
وأضاف القانوع أن "حماس" وافقت على الانسحاب من المشهد الحكومي في غزة، واستجابت للمبادرة المصرية التي تقضي بتشكيل "لجنة إسناد مجتمعي" لدعم صمود الأهالي وتسريع جهود إعادة الإعمار.
ورغم هذه التنازلات، فإن نقاط التفاهم التي كشفها مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، آدم بولر، والتي تشمل وقف الحرب والبدء بإعادة الإعمار، أثارت استياء الجانب الإسرائيلي، فالولايات المتحدة تشترط لتحقيق الهدوء لعشر سنوات نزع سلاح المقاومة وتحويل "حماس" إلى كيان سياسي، وهو شرط ترفضه الحركة بشكل قاطع.
يعني ذلك أن سقف المفاوضات في الدوحة، المتوقع أن تستمر يومين، سيكون مقترح ويتكوف الذي ينص على تمديد مؤقت لوقف إطلاق النار، مقابل إفراج المقاومة عن نصف الأسرى الأحياء والأموات في اليوم الأول، وإطلاق النصف الآخر في حال التوصل إلى اتفاق دائم.
ويفرض هذا السيناريو على المقاومة مقايضة أهم أوراق قوتها بمكاسب مؤقتة كالمساعدات الإنسانية والبضائع، ما يعني فعليًا القبول بتعطيل عملية الإعمار مع إبقاء الحرب مفتوحة دون أفق للحل.