شدد الدكتور دوتان هاليفي، المحاضر الأول في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، على أن الحل العسكري في غزة غير ممكن، مستندًا إلى دروس مستخلصة من ستة عقود من الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
دائرة مفرغة من العنف دون حلول حقيقية
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أشار"هاليفي"، إلى أنه منذ اندلاع الحرب الأخيرة، قتل أكثر من 50 ألف شخص، ومع ذلك لا تزال إسرائيل غير قادرة على تحقيق انتصار حاسم، قائلًا: "من خطط الجنرالات إلى العمليات في رفح وجباليا، لم نحقق سوى المزيد من المآسي، حتى الرهائن المحتجزين في الأنفاق قد لا يتم العثور عليهم، ومع ذلك، تكرر إسرائيل أخطاء الماضي".
كما أوضح "هاليفي"، أنه في عام 1970، حاول الجيش الإسرائيلي القضاء على عناصر منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات اللاجئين، إلا أنه فشل في دفع السكان إلى الهجرة، حيث لم يغادر سوى 30 ألف شخص بينما تحول الباقون إلى مقاومين.
القوة العسكرية لم تحقق استقرارًا دائمًا
استشهد "هاليفي" بما فعله أريك شارون عام 1971، عندما دخل مخيمات اللاجئين بالجرافات، ودمر أجزاء واسعة منها، ما أسفر عن مقتل المئات وتهجير عشرات الآلاف إلى جنوب غزة وسيناء، ورغم ذلك، اندلعت الانتفاضة الأولى بعد 16 عامًا، مما أثبت أن القمع العسكري ليس حلاً مستدامًا.
وأردف "هاليفي"، أن إسرائيل، بعد اتفاقيات أوسلو، انتقلت إلى فرض حصار اقتصادي مشدد على غزة، ومع كل تصعيد عسكري، كانت تعتقد أنها تضعف حماس، لكن الواقع كان عكس ذلك، إذ خرجت الأخيرة أكثر قوة، وانتقلت من قذائف هاون بدائية إلى صواريخ طويلة المدى قادرة على تهديد المدن الإسرائيلية الكبرى.
إسرائيل في مأزق.. ونتنياهو في قلب الأزمة
وفي السياق ذاته، انتقد "هاليفي"، استراتيجية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في دعم حماس ماليًا لإدارة الصراع، مشيرًا إلى أن هذه السياسة ارتدت عليه في السابع من أكتوبر، مضيفًا: "إسرائيل لا تزال عالقة في الدائرة نفسها، حيث تلجأ إلى العنف دون تحقيق أي مكاسب سياسية أو استراتيجية".
ولفت "هاليفي"، إلى أن الدعوات لإحياء فكرة التهجير الطوعي لسكان غزة تُعيدنا إلى عام 1967، متجاهلة أن الترحيل القسري يعد جريمة دولية، مشددًا على أن الفلسطينيين، رغم الفقر والدمار، لا يرون بديلاً لوطنهم.
مستقبل الصراع في غزة
أكد "هاليفي"، أن إسرائيل ترفض الاعتراف بالحقيقة الواضحة، وهي أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يجب أن يكون سياسيًا قائمًا على المساواة والعدالة، قائلًا: "ما لم يتم التوصل إلى تسوية تضمن للفلسطينيين السيادة والأمن وحرية الحركة، فإن دائرة العنف ستظل مستمرة".
واستطرد "هاليفي"، قائلاً: "إذا أرادت إسرائيل إنهاء هذا الصراع، فعليها التوقف عن تكرار السياسات الفاشلة، والبحث عن سلام عادل بدلاً من تكريس العنف والدمار".