أقر مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل، يوم السبت، إنشاء طريق مثير للجدل يربط القدس بالمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وهو مشروع يهدف إلى إعادة توجيه حركة المرور الفلسطينية، مما يحد من وصولهم إلى مناطق حيوية، ويرى منتقدو المشروع أنه جزء من سياسة الضم الإسرائيلي لتعزيز السيطرة على الضفة الغربية.
اقرأ أيضًا:
- عملية فرض السيادة على الضفة الغربية تتطلب تحرك دولي
- مخطط إسرائيلي خطير في الضفة الغربية.. هل يستعد الاحتلال لتكرار سيناريو غزة؟
مشروع نسيج الحياة
وافق الوزراء على بناء المرحلة الثالثة والأخيرة من المشروع، المعروف إسرائيليًا باسم "نسيج الحياة"، والذي يهدف إلى تسهيل حركة الفلسطينيين بين شمال وجنوب الضفة دون الحاجة إلى المرور عبر الحواجز الإسرائيلية.
فعلى سبيل المثال، سيمكن هذا الطريق السائقين الفلسطينيين من السفر بين بيت لحم ومنطقة أريحا دون مواجهة نقاط تفتيش عسكرية.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي كان القوة الدافعة وراء المشروع، أن الطريق سيعزز الأمن من خلال فصل حركة المرور الإسرائيلية عن الفلسطينية بالقرب من القدس.
وعند اكتمال المشروع، ستحول المركبات الفلسطينية بعيدًا عن الطريق رقم 1، وهو الطريق السريع الرئيسي الذي يربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، مما يجعله مخصصًا للمستوطنين الإسرائيليين فقط.
ويرى المسؤولون الإسرائيليون أن للمشروع أهمية استراتيجية كبرى، حيث سيساهم في عزل المنطقة الواقعة بين القدس ومعاليه أدوميم، بما في ذلك مخيم خان الأحمر، الذي يعده الفلسطينيون موقعًا حيويًا للحفاظ على التواصل الجغرافي لأي دولة مستقبلية لهم.
وبمجرد اكتمال المشروع، لن يكون بإمكان الفلسطينيين الوصول إلى هذه المنطقة إلا سيرًا على الأقدام.
تداعيات سياسية
كما أن للطريق تداعيات سياسية داخل إسرائيل، حيث يرى المؤيدون أنه يزيل إحدى العقبات أمام فرض السيادة الإسرائيلية على معاليه أدوميم، وهي مستوطنة يقطنها أكثر من 40 ألف مستوطن شرقي القدس.
وكان المشروع قيد التخطيط منذ سنوات، لكنه تعرض لتأجيلات متكررة بسبب المعارضة السياسية، إلى أن تمكن كاتس من تمريره بعد مشاورات مع مسؤولين أمنيين وعسكريين.
وتقدر تكلفة المشروع بحوالي 91 مليون دولار، على أن يتم تمويله من خلال الصندوق الفلسطيني للإدارة المدنية، وهي أموال يتم جمعها من الفلسطينيين وتخصص عادة للخدمات داخل الأراضي الفلسطينية، مما يجعله خارج ميزانية الحكومة الإسرائيلية.
ووصف رئيس بلدية معاليه أدوميم، غاي يفراح، الذي كان من أشد المدافعين عن المشروع، القرار بأنه "لحظة تاريخية" لمدينته، مؤكدًا أنه سوف يحسن الأمن ويخفف الازدحام المروري للمستوطنين.
كما وافق الوزراء على خطط لشق طريق منفصل يربط بين قرية العيزرية ومفترق السامري الصالح، بميزانية تخطيط أولية تبلغ 10 ملايين شيكل (حوالي 2.7 مليون دولار)، لكن المشروع لا يزال في مرحلة التخطيط، ولم يُحدد موعد لبدء تنفيذه.
إدانة ورفض
في المقابل، أدانت حركة "السلام الآن"، وهي منظمة إسرائيلية يسارية مدافعة عن حقوق الفلسطينيين، القرار واصفة المشروع بأنه "طريق فصل عنصري"، مشيرة إلى أنه سوف يقسم الضفة الغربية، ويحد من وصول الفلسطينيين إلى مناطق واسعة، مما يعزز الضم الإسرائيلي لما يقارب 3% من الضفة، رغم أن تمويله يأتي من أموال مخصصة قانونيًا لخدمة الفلسطينيين.
وأكدت المنظمة في بيانها أن المشروع لا يهدف إلى تحسين حركة المواصلات الفلسطينية، بل يسعى إلى تعزيز الضم الإسرائيلي، محذرة من أنه يقوض أي فرصة مستقبلية لحل الدولتين، ويشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل نفسها.