أفاد تقرير أمريكي حديث، بأن الاحتلال الإسرائيلي أصبح يسيطر على نصف مساحة قطاع غزة بعد عمليات تجريف واسعة النطاق هدفت إلى توسيع المنطقة العازلة على طول الحدود، ومنذ استئناف إسرائيل الحرب على القطاع في 18 مارس الماضي، عززت وجودها في غزة، ما تسبب في توسيع نطاق المنطقة التي تسيطر عليها بشكل مقلق.
التدمير كأداة للسيطرة
ووفقاً لما ذكرته وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير لها، فإن أكبر مساحة متصلة تخضع لسيطرة الاحتلال تقع على حدود القطاع، وقد قام الجيش الإسرائيلي بتدمير منازل الفلسطينيين، وكذلك أراضيهم الزراعية، والبنية التحتية، ما جعلها غير قابلة للسكن، كما أكدت منظمات حقوقية وجنود إسرائيليون أن حجم "المنطقة العازلة" تضاعف خلال الأسابيع الماضية بشكل ملحوظ.
ذريعة الإفراج عن الرهائن
والجدير بالإشارة أن بالرغم من ادعاء إسرائيل أن هذه السيطرة المؤقتة تهدف للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح رهائن هجوم 7 أكتوبر 2023، إلا أن منظمات حقوقية وخبراء بالشأن في غزة حذروا من أن تل أبيب ربما تسعى لفرض واقع جديد دائم على الأرض، وتشمل هذه السيطرة ممرًا يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ما يثير الشكوك حول النوايا الإسرائيلية طويلة الأمد.
نتنياهو يلوّح بالترحيل
ومن جانبه، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن بلاده ستواصل السيطرة الأمنية على غزة حتى بعد القضاء على حماس، وأن الفلسطينيين "سيدفعون للمغادرة"، ويشير هذا التصريح بوضوح إلى ملامح سياسة قد تتجاوز مسألة الأمن إلى تغيير ديموغرافي قسري.
اعترافات من قلب المعركة
وفي سياق متصل، تحدث خمسة جنود، لوكالة "أسوشيتد برس"، بدون الكشف عن هويتهم، وصف أحد الجنود من وحدة دبابات المشهد، قائلًا: "دمّروا كل شيء... أطلقوا النار على كل ما يمكن استخدامه... لن يكون لدى الفلسطينيين شيء يعودون إليه".
وبدورها، نشرت منظمة "كسر الصمت"، التي تضم محاربين قدامى مناهضين للاحتلال، تقريرًا وثق شهادات لجنود وصفوا كيف حولت إسرائيل تلك المناطق إلى أراضٍ قاحلة، مشددة على أن هذا الدمار لا يبدو عشوائيًا، بل يمثل تمهيدًا لسيطرة مستقبلية على القطاع.
التبرير الأمني جاهز
وتعليقًا على التقرير، زعم الجيش الإسرائيلي إن عملياته تستند إلى معلومات استخباراتية تهدف لحماية سكان الجنوب، لا سيما بعد هجوم أكتوبر الذي خلف أكثر من 1200 قتيل و251 رهينة، مداعيًا أنه لا يستهدف المدنيين وتلتزم بالقانون الدولي.
قطع أوصال غزة
ويشار إلى أن منذ الأيام الأولى للحرب، أجبرت القوات الإسرائيلية السكان على إخلاء المناطق القريبة من الحدود، ووفقًا لمنظمة "كسر الصمت"، تم إنشاء منطقة عازلة بعمق أكثر من كيلومتر واحد، علاوة على ذلك استولت إسرائيل على ممر "نتساريم" الذي فصل شمال غزة عن باقي القطاع، وبعد استئناف الحرب على غزة في الشهر الماضي، توسعت المنطقة العازلة إلى عمق 3 كيلومترات داخل غزة في بعض المناطق.
وفي هذا الصدد، يقول يعقوب غارب، أستاذ في جامعة "بن غوريون"، إن المنطقة العازلة والممر معًا يشكلان ما لا يقل عن 50% من مساحة القطاع.
لا حدود ولا رحمة
ويجدر الإشارة إلى أن شهادات الجنود تؤكد أن تدمير المباني شمل منشآت صناعية ومصانع، منها مصنع صودا دمر بالكامل، مخلفًا ألواحًا شمسية وزجاجًا محطمًا، مشيرين إلى إن "المنطقة العازلة" لم تكن واضحة الحدود، وأي فلسطيني يقترب يطلق عليه النار، حتى النساء والأطفال، كما قال أحد الجنود: "جئت لأنهم يقتلوننا، فاكتشفت أننا لا نقتلهم فقط، بل نقتل زوجاتهم وأطفالهم وقططهم وكلابهم، ودمّرنا منازلهم".
الرواية الرسمية
ويذكر أن الجيش الإسرائيلي يتمسك بأن هجماته موجهة بدقة وتعتمد على معلومات استخباراتية، زاعمًا التزامه بعدم الإضرار بالمدنيين قدر الإمكان.