أثيرت حالة من الجدل خلال الساعات الماضية بشأن خطة جديدة يعتزم الجيش الإسرائيلي تنفيذها لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، وذلك تحت إشراف قواته وفي مراكز خاضعة لسيطرته، بمشاركة مرتزقة من شركة أمريكية خاصة.
آلية مساعدات غامضة
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تفاصيل الآلية المرتقبة، سارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى نفي صحة ما نشرته الصحيفة.
في المقابل، لم تعلق حركة حماس على الخطة، فيما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، رفضه الكامل للآلية المقترحة، واصفًا إياها بأنها "خطيرة" وتشكل "تثبيتًا لهيمنة الاحتلال وابتزازًا سياسيًا"، علاوة على كونها تهديدًا مباشراً للمدنيين.
رفض فلسطيني قاطع
وعقب تقرير "يديعوت أحرونوت"، قام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، بإصدار بيان مساء الثلاثاء، أكد فيه رفضه القاطع لتلاعب الاحتلال بمصير القطاع الإنساني.
ولفت "المكتب"، إلى أن الخطة تتضمن قيام جنود الاحتلال أو شركة خاصة تابعة له بتوزيع المساعدات بشكل مباشر على العائلات الفلسطينية.
كما وصف "المكتب"، هذه الخطة بأنها تمثل "انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الإنساني"، بالإضافة إلى أنها تكرس الابتزاز السياسي والخضوع للاحتلال، مما يضع حياة المدنيين في خطر بالغ.
وناشد "المكتب"، المجتمع الدولي، ولا سيما الدول المانحة وعلى رأسها الأمم المتحدة، بعدم تمرير المساعدات الإنسانية عبر هذه الآلية التي وصفها بأنها “خطيرة وغير مقبولة”.
نفي من مكتب نتنياهو
من جانبه، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين الماضي، صحة ما نشرته "يديعوت أحرونوت" بشأن خطة توزيع المساعدات، مؤكدًا أن ما ورد في التقرير غير دقيق.
وأردف "المكتب"، في بيان رسمي: "بناء على توجيهات القيادة السياسية، سيواصل الجيش الإسرائيلي الضغط المتزايد على حركة حماس من أجل إعادة المختطفين وتحقيق أهداف الحرب، وذلك في إطار احترام القانون الدولي".
والجدير بالإشارة أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن عدد أسراها في قطاع غزة بـ59 شخصًا، من بينهم 24 ما زالوا على قيد الحياة، بينما تحتجز إسرائيل في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون من التعذيب والإهمال الطبي وسوء المعاملة، ما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم، وفقًا لتقارير فلسطينية وإسرائيلية وحقوقية.
وقد انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025 بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، في 1 مارس 2025، والتزمت بها حركة حماس.
لكن نتنياهو، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، تراجع عن تنفيذ المرحلة الثانية، وأعاد إشعال الحرب في غزة بتاريخ 18 مارس، تحت ضغط من الجناح اليميني المتطرف في حكومته، بحسب الإعلام العبري.
خطة تجريبية مرتقبة
وفي سياق متصل، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الاثنين الماضي، بأن الجيش الإسرائيلي يعمل على إطلاق برنامج تجريبي لتوزيع الغذاء على الفلسطينيين من دون وساطة حماس، لافتة إلى أن التنفيذ المحتمل سيكون في مدينة رفح جنوبي القطاع.
وشدد "الصحيفة العبرية"، على أن تنفيذ هذه الخطة يتوقف على موافقة القيادة السياسية الإسرائيلية.
كما أوضحت "الصحيفة"، أن الخطة تتضمن إشراك منظمات إغاثة دولية تقوم بنفسها بتوزيع الغذاء، تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، وفي مناطق خاضعة لسيطرته داخل قطاع غزة.
وبحسب تقديرات الجيش، فإن تطبيق هذه الآلية قد يضعف سيطرة حماس على القطاع، ويؤدي إلى تقويض فعلي لقيادتها المركزية.
ولفتت "الصحيفة" إلى أن حماس لا تزال الجهة التي تدير شؤون أكثر من مليوني نسمة في غزة، وتوفر الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الاجتماعية والشرطة وإدارة النفايات، وإن كان ذلك بمستوى أقل مما كان عليه قبل السابع من أكتوبر 2023.
وأردفت "الصحيفة"، أن البرنامج التجريبي قد يبدأ قريبًا، وربما يشمل استخدام مرتزقة أمريكيين تابعين لشركة خاصة.
تحذير من مهلة الشهر
ووفقًا لما ذكرته "الصحيفة"، أوضح الجيش الإسرائيلي للقيادة السياسية أن استئناف دخول المساعدات إلى غزة لا يمكن تأجيله، حتى في ظل غياب أي اتفاق أو وقف لإطلاق النار، وذلك بناءً على التقديرات بأن المساعدات المتوفرة ستنفد خلال شهر واحد فقط.
وحذر "الجيش"، من أن الاستمرار في منع دخول المساعدات قد يعرّض قادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية للمساءلة القانونية الدولية بسبب خرق القانون الدولي الإنساني.
كما نقلت "الصحيفة العبرية"، عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله: "الوقت الإنساني ينفد، ومن الواضح أننا مضطرون لاستئناف دخول المساعدات، حتى بدون ضغوط دولية".