بعد قصف "المعمداني".. ماذا تبقى من مستشفيات غزة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تستمر إسرائيل في استهدافها المنهجي للمستشفيات في قطاع غزة عبر ضربات جوية مركزة، حيث شنت طائرات الاحتلال، فجر اليوم الأحد، قصف عنيف على مبنى الاستقبال والطوارئ في مستشفى الأهلي العربي المعمداني الذي تديره الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية في القدس المحتلة، وذلك عقب مطالبة إدارة المستشفى بإخلائه، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بشكل كامل مؤقتاً بعد تضرر أقسامه الحيوية كالمختبر والصيدلية وقسم الأشعة بشكل كبير، واضطرت الأطقم الطبية لنقل المرضى إلى مرافق أخرى بعد أن بات المستشفى خالياً من الكوادر خشية على حياتهم.

استهداف متكرر وسردية متناقضة

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها المستشفى المعمداني للقصف الإسرائيلي، ففي 17 أكتوبر 2023 وقع هجوم دموي أدى إلى مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين بالتزامن مع أول زيارة للرئيس الأميركي الأسبق جو بايدن إلى إسرائيل بعد هجمات السابع من أكتوبر، حيث نفت إسرائيل حينها مسؤوليتها وزعمت أن صاروخاً أطلقته حركة الجهاد الإسلامي هو من تسبب بالحادثة.

وفي المقابل، نفت "الجهاد"، هذه الرواية مؤكدة أن الاعترافات التي تم بثها لاحقاً انتزعت تحت التعذيب، كما اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى في ديسمبر من العام نفسه واعتقلت عدداً من الأطباء والمصابين والمرضى من داخله.

من مستشفى إلى هدف عسكري

وبعد إعادة تأهيل المستشفى على يد منظمة الصحة العالمية وتحويله إلى المركز شبه الوحيد العامل في غزة والشمال لخدمة نحو 350 ألف نسمة، عاد الجيش الإسرائيلي قصفه من جديد، وزعمت إسرائيل بأن المبنى الذي استهدف يستخدم كمقر قيادة لحركة حماس.

 إلا أن شهوداً وإداريين في المستشفى نفوا ذلك وأكدوا أن القسم المستهدف هو للاستقبال والمعاينة الأولية للجرحى والمصابين، لافتين إلى أن كثافة العمل داخل القسم تجعل من المستحيل وجود أي أنشطة عسكرية داخله دون علم الطواقم.

الشلل الطبي في شمال غزة

والجدير بالإشارة أن هذا القصف أسفر عن إخراج المستشفى المعمداني من الخدمة مجدداً، لينضم إلى سلسلة طويلة من المنشآت الطبية التي استهدفتها إسرائيل، حيث بلغ عدد المستشفيات والمراكز الطبية المستهدفة 36 مرفقاً خلال الحرب.

 فيما تعمل القلة المتبقية بكفاءة جزئية في ظل نقص حاد في الطواقم الطبية والمواد الأساسية، وخصصت وزارة الصحة مجمع الشفاء الطبي ومستشفى الهلال الأحمر الميداني ومشفى القدس لاستقبال الحالات الطارئة، بينما تعاني بقية المرافق من أضرار كبيرة وأداء محدود لا يفي بحاجة مليون شخص يقطنون حالياً مدينة غزة وشمال القطاع.

وفي مناطق الشمال تحديداً، يعمل مستشفى العودة والمستشفى الإندونيسي بأقل من نصف طاقتهما بسبب الاستهدافات المتكررة، فيما تبقى مستشفيات خاصة مثل الحلو وأصدقاء المريض ومجمع الصحابة في وضع لا يؤهلها لاستقبال جرحى القصف أو الحالات الطارئة نتيجة محدودية الإمكانات ونقص الكوادر، أما في الجنوب والوسط فتواصل بعض المستشفيات العمل مثل شهداء الأقصى ومجمع ناصر الطبي، لكن قدرة هذه المرافق على تغطية النطاق الجغرافي بأكمله محدودة جداً.

قصف بقصد الضغط السياسي

وفي السياق ذاته، ربطت مصادر ميدانية في غزة، بين التصعيد الإسرائيلي ضد المنشآت الطبية والمفاوضات الجارية في القاهرة بشأن وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن استهداف المستشفيات يهدف إلى إحكام الأزمة الإنسانية ومضاعفة الضغط على حماس عبر حرمان السكان من أبسط مقومات الحياة، في وقت تتصاعد فيه المجاعة وتنتشر الأمراض ويزداد الانهيار في النظام الصحي بشكل يومي.

والجدير بالذكر أن كافة المنشأت الصحية في غزة لم تخلو من الاستهداف الإسرائيلي تحت ذريعة استخدامها من قبل حماس كمقرات للقيادة أو وجود أنفاق أسفلها، وهي روايات لم تثبت صحتها كما في حالة مستشفيي الشفاء والرنتيسي.

 كما أظهرت مصادر إسرائيلية، ومن بينها رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك أن ما وُصف بالأنفاق ليس سوى ملاجئ قديمة أو مرافق بنية تحتية تعود إلى فترات سابقة، ما يعزز الرواية الفلسطينية بأن هذه المزاعم مجرد غطاء لتبرير جرائم القصف الممنهج ضد القطاع الصحي في غزة.

الشرق الأوسط