هل تعديل النظام الاساسي لمنظمة التحرير واستحداث مواقع نائب لرئيس اللجنة التنفيذية سيحل مشكلة النظام السياسي ؟
وهل هذا القرار بالاستحداث سيراعي تكلفة الفرصة الضائعة ومخاطر القرار ؟
ينعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال الفتره 23-24 / 4 / 2025. في ظروف في غاية التعقيد لم تشهدها القضية الفلسطينية منذ ما يزيد عن قرن في ظل تحديات كبيره على المستوى الوطني الداخلي والاقليمي والدولي ، وهذا يتطلب من المجلس مزيداً من الدقة والعناية الفائقه فيما سيناقش من مواضيع وقضايا ، التي كان احداها تعديل في النظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية واستحداث موقع نائب لرئيس اللجنة التنفيذية.
لا أعتقد أن استحداث موقع نائب لرئيس اللجنة التنفيذية ، سواء جاء استجابةً لمتطلبات الحاله السياسيه الوطنية المعقده بعد السابع من أكتوبر او استجابة إلى الضغوط الدولية أو الإقليمية سيكون حلاً لما يواجهه الشعب الفلسطيني من تحدّيات، ومن حرب إبادة، ومن تهديد بتصفية القضية الفلسطينية، لكن المجلس المركزي امام مهمة تاريخية ووطنية من الدرجة الأولى ، تتجسد في مواجهة الضغوط الخارجية والاقليمية وكذلك استعادة زمام المبادرة وامتلاك الأدوات السياسية والوطنية لمواجهة تلك الضغوط، وذلك عبر مجموعة من القرارات التي سيتخذها المجلس المركزي من أجل تطوير وتعزيز وتقوية الموقف الوطني الفلسطيني أمام التحدّيات والضغوط الخارجية، وتعزيز وتقوية موقف الرئيس أمام ما يواجهه من ضغوط خارجية. وفي مقدّمة تلك القرارات المطلوبة ، الاعلان عن عودة منظّمة التحرير الفلسطينية إلى غزّة كعودةً تلقائية، لا تحتاج إلى أيّ اتفاق جديد مع دولة الاحتلال وفقاً لرسائل الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الإحتلال في العام 1993 ومطالبة الدول التي شاركت في رعاية ذلك الاتفاق بتنفيذ تعهداتها إذ إن سبب غياب المنظمة و السلطة عن قطاع غزّة كان سبباً داخلياً وسيزول بتراجع حركة حماس عن الاستمرار في حكم غزّة وهذا يستلزم موقفاً وقرارات تصدر عن المجتمعين في غاية الدقة والمسؤولية العالية ولا تحتمل أي مجازفة فنحن كمن يقف على حد السيف وشعبنا ينتظر بترقب شديد ما سيصدر فاما أن نُقلع ونطور نظامنا السياسي او سيهجر شعبنا كل مكونات النظام السياسي القائم ولا احد يعلم إلى أين يمكن أن تتدحرج الأمور ولا شك أن الجميع يلحظ حالة عدم الرضى الشعبي عن الاداء في مكونات النظام بشكل عام ولكل اسبابه .
إن تشكيل حكومة فلسطينية برئاسة الرئيس كنظام رئاسي أو رئيس وزراء بمواصفات خاصة تنسجم وطبيعة المرحلة وتلقى قبول مختلف المكوّنات الفلسطينية الوطنية والسياسية والشعبية، بغضّ النظر عن مسمّيات تلك الحكومة سيشكل مدخلاً رئيسياً وهاماً لتوحيد الجغرافيا السياسية والنظام السياسي وسيقف في وجه المشروع الاسرائيلي الامريكي القائم على التهجير وتصفية القضية الفلسطينية ، وهذا يتطلب حراكاً سياسياً ودبلوماسياً كبيراً ونشطاً من خبراء قانونيين وسياسيين متمرسين وذوي مهارات عالية ومجربه حتى لو اضطررنا للبحث عنهم دولياً ، وبالاستناد ايضاً الى الاعتراف في دولة فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة ، وخصوصاً أن اروقة الأمم المتحده ستشهد في حزيران القادم انعقاد مؤتمر تحالف السلام الذي تقوده السعودية وفرنسا وهذا يستدعى أن نكون على جاهزية كبيرة في كل المجالات ومنها مكونات نظامنا السياسي الواضح في البرامج السياسية والاهداف الراسخه والتماسك الوطني في المستوى الرسمي والشعبي والجغرافيا على حدود السابع من حزيران من العام 1967 ، الحال لا يحتمل أي اجتهادات أو مجاملات لأي كان وطنياً أو اقليمياً أو دولياً فنحن على مفترق طرق حاد فإما أن نكون أو ستذهب قضيتنا إلى قرن جديد من النضال والمعانة في ظل الحديث عن تكوينات شرق اوسطية جديده وفق المصالح المشتركه لكل من ترامب ونتنياهو وتطلعاتهما المستنده لاساطير توراتيه ومطامع اقتصادية .
وبالعودة إلى الاعتقاد بأن هذا الاستحداث لموقع نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لن يحل مشكلة النظام السياسي فهذا الاعتقاد مبني على تجربة وتقدير موقف ومشاهدات مماثله كان من ابرزها استحداث موقع رئيس وزراء في السلطة الوطنية والذي جاء نتيجة ضغوطات مورست على الرئيس ياسر عرفات لاستحداث هذا الموقع بهدف تقليص صلاحياته كرئيس وفقاً للنظام الرئاسي الذي اقره المجلس التشريعي كشكل للحكم في السلطة الوطنية ، وبتقديري الشخصي أن هذا الشكل ادخل النظام السياسي في اشكالية كبيره منذ ذلك الوقت وحتى تاريخه وجعل من عديد الإجراءات في محل طعن قانوني في كثير من الممارسات وفقاً لاراء العديد من القانونيين وكذلك تداخلات في ادارة المنظومه فتحت الباب للعديد من التجاوزات في ظل غياب السلطة التشريعية .
وفي حسابات تكلفة الفرصه الضائعة التي يتجلى مفهومها في مجالات عده لعل ابرزها اقتصادياً إلا إن ذلك قد ينسحب على كل شيء في حياتنا السياسية والاجتماعية وحتى الفردية ، ولعلى اجتهد واصف تلك التكلفة بتعريف انها كميزان المراجعة في ادارة كل ذلك من حيث الربح والخسارة ، ولتحقيق الربح يجب أن تكون كفة الفرص اعلى من كفة التهديدات وأن أي قرار يجب أن يخضع لذلك مع مراعاة عنصر الزمن كمتغير أساسي في تلك المعادلة وهو الأكثر ربحاً أو خسارة وهنا يأتي التساؤل في ظل العديد من الاراء القانونية حول قانونية استحداث هذا الموقع ، هل هذا الاستحداث يأتي في سياق الاحتياج الوطني وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية ؟
ام في سياق تجربة استحداث موقع رئيس وزراء في السلطة الوطنية الذي حاول المزاوجة ما بين النظام الرئاسي والبرلماني ولكنه بكل اسف لم يحدث الفارق المطلوب بل اثقلنا بتحديات كبيره يدفع ثمنها النظام السياسي منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظه والذي جاء نتيجة ضغوطات خارجية ؟
هذا ما نأمل أن يجيب عليه اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وأن يخضع كل القرارات والاستحداث في النظام الاساسي لمفهوم المخاطر المحتمله وتكلفة الفرص الضائعة ، وأن تكون القرارات مستجيبة أولاً للمزاج الشعبي والوطني وفي امكانية التوافق عليها وطنياً من أجل استدامة مشروعنا الوطني وحتى لا نقع في خطر الانحراف المجتمعي نحو التنظيمات الايدولوجية او أي مسارات اخرى لعل ابرزها اليوم التكتل الاقتصادي ككتلة متماسكة وصلبه على حساب القوى السياسية الاخرى التي تعتليها الهشاشة وعدم القدرة على تاطير المجتمع وصيانته وحمايته.
حسن أبو العيلة
14/4/2025
